قضينا فصولاً طوال من العيش تحت مستوى البشرية.. عمراً ينضح قهراً.. عشنا أياماً سوداء في العهد البائد.. وجاءت رياح التغيير واقتلعت الزمن الكئيب الماضي واستيقظت آمالنا من سباتها بعدما خنقها اليأس لدهر.. هكذا ظننا بادئ الأمر!!.. كنا في الماضي لا نعرف شيئاً عن أبجديات اللعبة السياسية.. وكنا مغيبين عن منطقة صنع القرار.. كنا حتى عندما نسمع خطاب من يسمون بالمعارضة لا نفهم منه شيئاً, لأن الشفافية ضعيفة جداً في خطاباتهم.. وكنا نعيش أكاذيب كبرى, منها أن ثمة سلطة ومعارضة!!.. وكلما كنا نعرفه هو أن الدولة تسير بالبركة, بلا خطط, بلا نظام, بلا مبادئ سامية.. ارتجالية فظيعة.. الآن عرفنا الكثير, وربما أن هذه هي الحسنة الكبرى للتغيير الذي حدث!..
ما أردناه بثورتنا الشبابية السلمية أكثر بكثير مما حصدنا, لكن لا حيلة لنا, فثمة قوى عظمى تقف وراء المعطلين لأهداف الثورة.. هناك أشياء كثيرة سيقولها التاريخ عما قريب وسيكشف كافة الحقائق..
لكن المؤلم حقاً هو أن من بين ما ظهر لنا, واكتشفناه ورأيناه رأي العين ولمسناه في جزئيات حياتنا, هو أن الجميع يلهث وراء السلطة.. الجميع آخر شيء يفكر فيه هو إنسانية مواطن بلده.. وكل أسلوب, ولو كان قبيحاً وقاتلاً لهذا المواطن البائس, هم مستعدون لاستعماله, فقط ليصل كل واحد منهم لبغيته.. والجميع ينوم ضميره بعلل شتى!..
لكن واقع المواطن ينزف قروحا من أفعالهم.. حتى الزبالة استعملوها ورقة لعب!!.. لمن نشكوا نحن مواطنو تعز ما نعانيه من قرف الزبالة المتناثرة في طول وعرض شوارع وأحياء مدينتنا؟.. عندما كنا في ذروة الثورة لم يحدث هذا!.. إن ما يحدث يؤذن بكارثة بيئية!.. عندما كنا نموت في المسيرات وتقنصنا البندقية الغادرة كان ثمة من يقول لنا: ارحلوا.. يا لها من عبارة ساخرة ساحرة!.. جدوا لنا وطناً آخر نظيفاً من الزبالة.. ووالله سنرحل ونترك لكم هذه البلاد التي صارت بفضلكم وطن الزبالة!!.. نريد وطناً نعيش فيه بنظافة بعيداً عن الزبالة السياسية والفكرية.. بعيداً عن من يستعمل الزبالة كورقة ضغط في معترك السياسة..
يا عالم, ياهوووه: نظفوا تعز من الزبالة قبلما تدخلوا مزبلة التاريخ بأوسع برميل زبالة!!.
نبيلة الوليدي
نريد وطناً نظيفاً! 1466