بلا مبالاة حاقدة ومستفزّة يتواصل استخدام الطائرات العمياء في إلقاء أطنان من المتفجرات على رؤوس الناس ومنازلهم تحت ذرائع واهنة ليس في بلادنا وحدها وإنما في أكثر من مكان على وجه هذه الأرض التي لم تعد صالحة للبقاء بعد أن تلوثت بسموم المصالح السياسية والاقتصادية والتي من أجلها تم تبرير كل شيء حتى قتل النفس البريئة التي من قتلها فكأنما قتل الناس جميعاً.
وما يبعث على قدر من الأمل أننا لم نعد وحدنا الذين نشكو من هذه الطائرات التي يقودها الشيطان بعد أن تخلى عنها الإنسان، وبعد أن أثبتت الإحصائيات الدقيقة أن أخطاء هذا النوع من الطيران تزيد عن ثمانين في المائة، أي أنها تصيب عشرة أشخاص في المائة فقط من المستهدفين وثمانين في المائة من غير المستهدفين، وفي هذا من الإجرام والوحشية ما لا يقره قانون ولا ضمير.
وصار واضحاً الآن، أن الخوف من هذا النوع من الطيران الأعمى والموجه من بعيد لم يعد يُفْزِع شعوب العالم الثالث وحدها حيث تمارس الطائرات دون طيار مهماتها الوحشية، وإنما صار الفزع شاملاً وبات خطرها يهدد سكان العالم أجمع بما في ذلك الولايات المتحدة التي ظهر من أبنائها من يحتجون بشدة ويقاومون هذا النوع من القتل عن طريق هذا النوع من الطائرات.
وكان لافتاً ومثيراً ذلك الخطاب المطول الذي ألقاه في الكونجرس أحد الأعضاء الجمهوريين البارزين مندداً ومحذراً من عواقب هجمات الطائرات دون طيارين، ويقال أن هذا العضو يعد من أبرز المرشحين للرئاسة والدخول إلى البيت الأبيض، وأن خطابه الأخير قد أعطاه مكانة واسعة جعلت حظه أوفر في سباق الرئاسة القادم، وما يستحق الاهتمام في هذا الموقف أن العالم بدأ يدرك خطورة استخدام الطيران الأعمى الذي يلقي حمولته المدمرة فوق أي شيء وعلى أي شيء حتى على الأشجار والأبقار.
نحن ضد القتل بأشكاله المختلفة، من الأرض أو من الفضاء، دون تحقيق ولا إدانة. كما نحن ضد البراعة القاتلة والمدمرة ضد الاقتدار الشرير على التقاط أي إنسان يسير على الأرض تحت أي زعم كان، ومن أجل تحقيق هدف غير مشروع الغرض منه إدخال الرعب إلى قلوب البشر الأبرياء الذين صاروا كلما رأوا طائرة محلّقة في الفضاء سارعوا إلى الاختفاء أو الاحتماء بأي صخرة أو جدار، بعد أن كانوا كلما سمعوا صوت طائرة تعبر الفضاء يمدون أنصارهم بإعجاب لمتابعة سيرها وهي تتهاوى كطائر كبير الحجم، مندهشين لما حققه العلم من قدرة على اجتياز الأجواء واختصار المسافات وتحويل الأحلام البشرية إلى حقائق تُعاش وتُلْمس وتُرى.
وفي هذا السياق لم يعد غريباً أو مفاجئاً أن يتجه الكيان الصهيوني إلى صنع هذا النوع الأخطر من الطائرات لأنه يتناسب مع ما تمتلئ به صدور علمائه من تعصب وكراهية وحقد على البشر. وأي اختراع أجدى بالنسبة لهم من أسلحة التدمير الهادفة إلى قتل الإنسان وشل قدرته على المقاومة.
وفي هذا التوجه الصهيوني ما يثبت أن قادة الكيان يسعون إلى أن يكونوا في طليعة محتكري أحدث أشكال الإرهاب والقتل، من الأرض ومن الفضاء وسيكون على البشرية مسئولية حماية نفسها والوقوف في وجه كل ما من شأنه أن يرهب الإنسان ويجعله حبيس مخاوفه.. وعلينا نحن في هذا البلد دائماً أن نتذكر أن إخماد النار بالنار قاعدة فاشلة، أدرك فشلها إنسان ما قبل التاريخ وعمد إلى وسائل أخرى لإخماد الحرائق وحل المشكلات عن طريق الحوار وتفهم الأسباب والانصياع لمنطق الحق والعدل لا لمنطق القوة والاستعلاء.
د . شروق عطيفة في رواتبها الأولى:
عن دار الفارابي في بيروت صدرت الرواية الأولى للدكتورة شروق حسين عطيفة بعنوان (المتمردة)، وتتناول ملامح من حياة المجتمع اليمني وما طرأ عليه من تحولات وما جدّ فيه من صراعات بين الأجيال، ومن الطبيعي أن تكون المرأة حاضرة في هذا العمل الإبداعي حضور الرجل. والرواية تبشر بروائية تمتلك ناصية السرد بأبعاده المعنوية والفنية.
تقع الرواية في (141) صفحة من القطع المتوسط.
تأملات شعرية:
طائرةً أطلقها مجنونٌ
ذات صباحٍ بالريموت
على البيت الأبيض
دارت، رقصت، ألقت بحمولتها
فتهاوى الصرح الشامخ وتحطّمْ
يا للمأساة..
العالم يبكي حتى ابيضّت عيناه من الحزن
لكن الكلب الخارج من بين الأنقاض
يقول: البادئ أظلمْ.
نقلاً عن الثورة
د/عبد العزيز المقالح
عن طائرات يقودها الشيطان 1305