بعد مرور أربعة أشهر من اندلاع المظاهرات في المدن العراقية وخروج عشرات الآلاف من أبناء العراق الذين أذاقهم النظام الحالي مرارة الظلم والتهميش بزعامة رئيس الوزراء نوري المالكي الذي يدعي بأنه رجل الديمقراطية الأول في البلد ومؤسس الحرية على أرضه متجاهلاً أنه أتى على ظهر الدبابة الأميركية؛ وبكل تأكيد فإن كل من يصل إلى كرسي الحكم بمساعدة العدو فإنه لا يفقه معنى الديمقراطية ولا يؤمن بها وأيضا لا يسعى إلى تحقيقها.
المالكي الذي يصور للآخرين أن نظام صدام الراحل أذاقه أشد أنواع العذاب والقمع والترهيب ومع ذلك ظل يناضل وينشد الحرية والعدالة والمساواة؛ كان بالأحرى به وقد وصل إلى رئاسة الوزراء أن يسعى جاهداً إلى تحقيق ما كان ينشده ويتمناه في السابق للعراق وللشعب العراقي إلا أنه وكما قلت سابقا من يأتي عبر الطريق التي شقها له العدو لا يمكن أن يقدم شيئاً غير الخراب والدمار والانتقام وهذا ما يقدمه اليوم نوري المالكي للعراق ولشعبه، في بداية الأمر ظن المالكي أن الشعب العراقي بحاجة إلى قليل من الحرية ولحق التعبير عن الرأي وأنه وفي حالة أن تتوفر للشعب العراقي مثل هذه الحقوق ربما سيكتف الشعب بذلك لهذا شاهدنا كم هي الصحف العراقية التي أصدرت وكم من القنوات التلفزيونية التي بثت إلا أن الشعب العراقي لم يقف عند هذا الحد وحسب بل أصر على أن ينال كل حقوقه المسلوبة وفي كل المجالات.
وبعد أن شعر شعب العراق بشدة الظلم الذي وقع عليه خرج الكثير منهم رافضين ذلك الواقع وأبوا إلا أن يحصلوا على جميع حقوقهم المشروعة ولأن نوري المالكي لم يأتي من أجل بناء عراقاً جديدا ًكما يقول دائما بل أنه في الحقيقة جاء منتقما والدليل على ذلك أنه لم يودع الماضي بعد، حيث يتهم كل من خرج من أبناء العراق يهتف ضد ظلم نظامه وتهميشه الغير محدود لهم يتهمهم بأنهم من بقايا النظام البعثي الصدامي المنحل وأن هدفهم هو زعزعة أمن واستقرار العراق وأنهم لا يزالون يحنون لذلك العهد القديم ناكراً أن لهم حقوقاً يريدون الحصول عليها ولديهم مطالب يريدون أن يروا تنفيذها ومع أن في الأشهر الأولى لخروج الكثير من أبناء الشعب العراقي حاول المالكي تشويه صورة أولئك الذين خرجوا يهتفون ضد سياسته؛ سياسة التهميش والقمع إلا أن ذلك لم يجد نفعا فكانت النتيجة أن زاد العدد وولدت ساحات جديدة في كل مكان من أرض العراق، شعر المالكي أنه قد أخفق في مواجهة شعبه الثائر لذلك لم يتبق لديه إلا أن يدق على وتر الطائفية ففي كل مرة يظهر فيها المالكي يلقي خطابا نسمعه يحذر من حرب طائفية قد تقضي على العراق والعراقيين ومثل هذا الكلام ليس جديداً علينا نحن العرب فهذا هو الموال الموحد الذي يتغنى به زعماء العرب حتى أولئك الزعماء الذين لا تكثر في بلدانهم الطوائف المذهبية إلا أنهم ومجرد أن هتفت شعوبهم ضدهم ذهبوا يخوفون ويحذرون شعوبهم والعالم من خطر الصراع والاقتتال في ما بينهم إن هو رحل عن الحكم فما بالنا بالعراق التي تكثر فيه الطائفية المذهبية أليس من المعقول أن يستغلها المالكي ويجعلها مواله الوحيد في أي خطاب له. ففي أحد خطاباته الأخيرة أكد أن الصراع الطائفي ليس محض صدفة وإنما هو حقيقي وواقعي وأنه يجب على الجميع تداركه؛ ناسياً أن الشعب العراقي لم يعلم شيئاً عن أمر الطائفية إلا مع وصوله هو إلى رئاسة الوزراء، أظن أن الشعب العراقي يعد من أكثر الشعوب العربية وعياً وإدراكاً لكن في الأخير ليس العراقيون ممن يقفون مكتوفي الأيدي في حالة تعرضهم لأي اعتداء؛ لهذا من الأفضل أن يدرك نوري المالكي حجم المسئولية التي تقع عليه وأن من الواجب عليه الآن أن يتحرك بشكل جدي إلى تلمس هموم مواطنيه والخروج بالبلد إلى طريق تكون أكثر أمناً واستقراراً للعراق وللشعب.
محسن فضل
المالكي ووتر الطائفية 1386