حالنا اليوم وما وصلنا إليه من تدنٍ في الأخلاق وأزمة في القيم في مجتمعنا بشكل عام, أفراداً وجماعات, يستدعي منا جميعاً القيام بثورة قيمية تنطلق بداية من أعماق نفوسنا لإصلاحها، قبل أن نخاطب الآخرين ونحاول إصلاحهم, لأن ضعف القيم أصبح داء متفشياً يكاد يكون قد أصاب الجميع دون استثناء، مع تفاوت بالنٌسب من شخص إلى آخر ومن أسرة إلى أخرى ومن بيئة إلى بيئة.. ولذلك علينا أن نعترف بهذا الداء الخطير الذي أصاب المجتمع وأصابنا جميعاً ولا نستنكف أن نبحث عن هذاء الداء الخطير في نفوسنا لنعالجه, فأولى خطوات العلاج الاعتراف بالمرض، ثم العزيمة والإصرار على علاجه والتخلص منه بكل شجاعة وصبر، بدون ذلك سنظل نغالط أنفسنا ونوهم بعضنا بعضاً بالسراب، والمرض يستفحل ويفتك بنا حتى يوصلنا إلى حالة ميئوسة لا دواء لها.
فلنعقد العزم ونبدأ بالعلاج ولا نلتفت لصغائر الأمور، ولنتأمل جميعاً الأبيات التالية والتي تعد من درر الشعر العربي ومن كنوزه الثمينة التي تدعونا إلى مكارم الاخلاق واجتناب الرذائل، وصدق الله القائل (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم).. فإلى الأبيات:
(1)
إذا جَارَيْتَ في خُلُقٍ دَنِيئاً             
رأيتُ الحرَّ يجتنبُ المخازي   
وما مِنْ شِدَّة إلاَّ سَيأْتي            
لقد جَرَّبْتُ هذا الدَّهْرَ حتَّى       
إذا ما رأسُ أهلِ البيتِ ولى     
يَعِيش المَرْءُ ما استحيَا بِخَيرٍ    
فلا واللهِ ما في العيشِ خيرٌ     
إذا لم تخشَ عاقبة الليالي     
(2)
فأنتَ ومنْ تجارِيه سواءُ
ويَحْمِيهِ عنِ الغَدْرِ الوَفاءُ
لَها مِنْ بعدِ شِدَّتها رَخاءُ
أفَادَتْني التَّجَارِبُ والعَناءُ
بَدا لهمُ مِنَ الناسِ الجَفاءُ
ويبقى العودُ ما بقيَ اللحاءُ
ولا الدُّنيا إذا ذَهبَ الحَياءُ
ولمْ تستَحْ فافعَلْ ما تَشاءُ