أينما يُراق عرق الكفاح ويتبدى من مخاض الغسق جبين الصباح وأينما يتردد صدى النضال لأجل الإنسان والأمة والوطن، ترى هنالك (أخبار اليوم) كمشكاة فيها مصباح..
(أخبار اليوم).. الصحيفة التي أبت أن يكون لها في أماكن التدليس والمداهنات ومحاباة أعداء اليمن حضوراً؛ فتجدها في المعاناة ورغيف الخبز وأسعار الغاز والدقيق وسلة البطاط والطماطم.. تكافح البعوض في المستشفيات وترمم وجه المدينة القادمة بالجمال.. تمد يدها لضحايا الفقر والبطالة الملقون على الأرصفة.. تجدها في شوارعنا المتعرجة تحت سيادة المطبات وسلطة قطاع الطرق وجيش من الحفر.. وحيث الأنين القادم من ابن اليمن المغترب في الخارج والمثقل بالمعانة والمكبل بأغلال الخذلان.. إنها بالمرصاد للفساد والعابثين والمخربين والمتهاونين بقضايا أبناء الشعب العظيم.. إنها في صفوف المحرومين من خيرات البلاد؛ تساند الوطني وتعمى على إثر صداها أبصار من يفسدون والحالمين بإعادة حالك الكهنوت البغيض وهواة التمزيق.
مرور ثلاثة آلاف يوم من الكفاح المستمر.. ذكرى الألفية الثالثة لـ(أخبار اليوم) التي تحتفل بها الصحيفة اليوم كعروسة محفوفة بالتحدي نحو التغيير ووطن مزدهر بشعب متحضر، تعني صدور ثلاثة آلاف عدد خلال ثلاثة آلاف يوم من الصمود والجهد والتعب والسهر والنزيف المقدس..
تأتي هذه الذكرى لتمنحنا مزيداً من الاصرار على استمرار التنوير ومقارعة الظلم والانتهازية والوقوف بجانب المواطن والوطن وفي سبيل الحرية والعدالة والقيم وفي خندق التغيير والثورة.. أو ليس الذي وقف مع النضال سنين قادر- بعون الله- أن يستمر معكم في مواكبة التغيير؟!.. من يمتطي صهوة القلم لا يهمه المصير دائماً ومن يريد أن يجود بالتضحية لأجل الجماهير العريضة كانت له (أخبار اليوم) صوتاً أجشاً ومنبراً لا يخذل صهوته سوى أصحاب المشاريع الصغيرة؛ لإدراكها أن السلطوي والنافذ والمتسلط والمرتعشة أيديهم والمرتهنين للخارج وكل من يريدون بيمننا السوء، كثيراً ما ينتعلون القرار الجائر والعمل التخريبي ليخرج من تحت كلكلة القهر والظلم والدمار وطن ضحية..
لقد كان الأستاذ/ سيف الحاضري, صاحب الامتياز ومدير عام مؤسسة الشموع للصحافة والإعلام, يدرك منذ البداية معنى تجسيد الوطنية أولاً في المساحة المتاحة للحرية وأن حرية الرأي والتعبير إن لم تكن ذا هدف إنساني ووطني سامٍ, تعد فوضى لإزالة خارطة أوطان بحالها بفوهة كلمة يراد استغلالها باسم الديمقراطية الصفراء ونريد لها نحن العبور إلى مستقبل جيل قادم بالعظماء لا بالأقزام.. لذا تجده كان الأكثر حظاً من غيره في وضع قدمه بثبات على سلم الصحافة, يتحدى الويلات وصانعاً للخير والبناء, فكانت صحيفة (أخبار اليوم), أحد إصدارات مؤسسته المتواضعة, عابرة للمستقبل عبر دهاليز الخوف واليأس وبهررة النافذين وبلاطجة حمران العيون, مستعينة بمعاول الأقلام وحبر من النور وبما تمتلكه من إيمان بالله والحرية والولاء للوطن، وبهذا كانت متنفساً للثورة وتواقة لا تنشد سوى التغيير وتحقيق التنوير ورجم تمثال العابثين في زمن نؤمن حد اليقين بأنه لم يعد هناك أصنام غير قابلة للرجم..
لم تنحاز لحزب أو طائفة أو فئة أو سلطة ولا تقف نداً لأي كان إلا بالقدر الذي تبدو فيه خناجر الشيطان, فهي ضد كل من اتخذ من دون الوطن نداً خارجياً ينتهك السيادة ويضمر البغضاء للوطن ويعادي الحرية بخبث العمالة, أو يستهدف قوت اليمنيين وحاضرهم ومستقبلهم القادم بالعظمة من ماضي عريق بالحضارات.
إن هذه الذكرى لفرصة سنحت لنا أن نتنفس الصعداء وسط الغبار المتطاير إثر حوافر كفاح لا تكل ولا تمل, مفعمة بعزيمة لا تنضب، لنقطع الوعد الغليظ مجدداً للشعب والأمة بأننا سنظل كما عهدتمونا معكم منذ سنين, فساعدونا على الايفاء بوعد قطعناه من خلال التفاعل معنا وإشعارنا بأن أهداف التغيير والتثقيف والتنوير المتباين المجالات يتحقق يوماً إثر يوم.
تحية إجلال وإكبار لرائد هذا الإنجاز/ سيف محمد أحمد ولرئيس تحرير (أخبار اليوم) إبراهيم المجاهد ولهيئة تحريرها, ولكل من عمل في هذه الصحيفة وساهم في إنجازها من محررين ومراسلين وفنيين, وكل من عملوا ويعملون في الكواليس بغية إخراج هذا الجهد الكبار إلى النور.. وتحية لكل القراء وكل مواطن يأمل فينا الخير.. ومزيداً من التقدم والتمييز لـ"أخبار اليوم" وسنين قادمة بالنجاح وثمار الكفاح لأجل الوطن تتأتى ناضجة بجهد كل الوطنيين والشرفاء من الخيرين والغيورين على وطننا الغالي والمتطلعين لغد أفضل ومستقبل يتربع العظمة عرش يمني.
عبد الحافظ الصمدي
كمشكاة فيها مصباح 1983