كان حلمًا يُراودني منذ أن كنت في الصغر من عمري.. وهو أن أحلق فوق السحاب وأجوب أنحاء العالم.. أتعرف على مدن العالم وأستمتع بسحر وجمال طبيعتها، وأتأمل روعة المناظر الخلابة.. كان حلمي ألا أجعل بقعة على ظهر البسيطة إلا وتطأ قدماي عليها حتى أتعرف على ثقافتها وحضارتها وأنقلها إلى أهلي وأصدقائي.
فعلاً لقد حققت حلمي بالتحليق فوق السحاب ، أثناء مغادرتي إلى مدينة كولالمبور العاصمة الماليزية، وقد اخترت أن تكون رحلتي عبر الخطوط اليمنية، كونها تمثل الخطوط الوطنية ، وكذا تمثل السعر الأقل عن باقي الخطوط الجوية الأخرى بشكل نسبي، ولكني عرفت سبب امتناع أكثر الركاب من السفر عبر الخطوط اليمنية، فهناك عدة أسباب منها سوء الانضباط بالمواعيد، مقاعد غير مهيأة للسفر للمسافات الطويلة، مضيفات غير مؤهلات لخدمة الركاب وخاصة الركاب والطلاب اليمنيين وهنا نقف قليلاً عند مضيفاتنا في طيران اليمنية.
فلقد استطاع أبناء الوطن أن ينزعوا ثقافة عادات بالية غيّبت عليهم خدمة الناس من خلال مهنة ( مضيف أو مضيفة طائرة ).. حتى أصبحت المهنة عاماً بعد آخر من المهن التي يخضع موظفوها إلى دورات تدريبية باستمرار على كيفية الحفاظ على سلامة وأمن ركاب الطائرة، وطرق التعامل مع فئات وجنسيات مختلفة من الركاب، وباتوا يتقنون امتصاص غضبهم بابتسامة حيناً، وتلبية طلبات في أوقات أخرى، ونقل مقاعد من مكان إلى آخر؛ إما بعذر مقنع، أو بدون، ناهيك عن عينات لا تخلو منها كل رحلة.. لا تنتهي طلباتهم، و(لا يعجبهم العجب ولا الصيام في رجب) فما أن يعبر أحد طاقم المضيفين إلاّ ويبادرونه بوابل من الأوامر من منطلق ( بفلوسي )، وثقافة ( حلّل تذكرتك ).. دون أن يفكروا في أن هؤلاء المضيفين لم يوضعوا في هذا المهمة إلاّ لخدمة كافة الركاب، دون أن يتفّرغ أحد منهم لتلبية مطالب لا تنتهي لراكب واحد ..
لكني هنا أتوقف لما رأيته وشاهدته أثناء سفري، من سوء معاملة من بعض المضيفات التابعات للخطوط اليمنية، وخاصة المضيفات من غير الجنسية اليمنية، فبعضهن يتعاملن مع الركاب اليمنيين معاملة سيئة وكأنهم يتعاملون مع فئة منبوذة في المجتمع، نسوا أو تناسوا أنهم يتعاملون مع بشر، يتعاملون مع أرق القلوب وألين الأفئدة، لقد حدثني بعض الطلبة اليمنيين المقيمين في ماليزيا عن سوء الخدمات التي يتعرضون لها من قبل المضيفات ومدى المضايقات التي يتلقونها، وعلى مرأى ومسمع من مشرفي الرحلة، نعم مشرفي الرحلة الذين يحملون الجنسية اليمنية، يرون أبناء وطنهم وهم يتعرضون لبعض الامتهان من قبل المضيفات ولا يحركون ساكناً، إلا من رحم ربي، لقد أعجبني احد الركاب عندما شدته غيرته على أبناء جلدته لما رأى من سوء معاملته لإحدى المضيفات لبعض الطلاب في الرحلة وقام، بتوبيخها بعبارات تدل على رقي هذا الشعب تدل على احترام المواطن اليمني لضيوفه، وفيه من الكلام عن كيفية التعامل مع الراكب اليمني.
هنا لا يسعني إلا أن أوجه رسالة إلى المسؤولين عن الخطوط اليمنية، واخص بالذكر رئيس مجلس إدارة الخطوط الجوية اليمنية، عمن هو المسؤول عن تأهيل وتدريب تلك المضيفات؟ ومن المسؤول عن تقيم السلوكيات التي تتمتع بها تلك المضيفات؟ لماذا لا يتم معاملة الركاب اليمنيين كغيرهم من الركاب الأجانب؟.. أسئلة كثيرة وكثيرة لا نعلم لها إجابة سوى أن مثل تلك التصرفات تسيء للخطوط اليمنية وتسيء لسمعة هذا الوطن.. فالله نسأل أن يكون في عون هذا المواطن اليمني سواء على أرض هذا الوطن أو في سمائه.
رائد محمد سيف
من المسؤول عن مضيفات اليمنية؟ 1964