يتضح من الخبر المنشور في موقع "سبتمبر نت " في 10ابريل الجاري "النيابة الجزائية بأمانة العاصمة صنعاء تحيل ما يزيد عن 200متهم من القاعدة للمحكمة خلال الـ 15 الأشهر الماضية " وبحسب ما نُشره الموقع " فإن بينهم قيادات بارزة في تنظيم القاعدة مصريون وسعوديون وداغستانيون وسوريون وأردنيون وأفارقة "، الذي جاء نشره متزامناً مع ما تناولته وسائل إعلامية أخرى لتقارير إخبارية عن تنامي تحركات عناصر تنظيم القاعدة في مدينة إب، حيث أكدت وسائل إعلامية "انتشار عناصر القاعدة على السلسلة الجبلية التي تطل على القفر السافل ووصاب السافل", مؤكدة "أن جهاز الأمن السياسي بصنعاء أبلغ الجهات الأمنية عن تجييش القاعدة للسيطرة على السيارات التي تنقل أموال البنوك بين المحافظات"- يتضح سعي تنظيم القاعدة لاستعادة نشاطه في بعض المحافظات رغم الهزائم التي مني بها في أبين وشبوة والبيضاء، مستغلاً بعض الثغرات لتجنيد أعضاء جدد وتعزيز وضعة المالي وبأقل كلفه وخسائر بسبب شبه غياب أو ضعف لرقابة أجهزة الدولة على مختلف الأنشطة المالية والمصرفية القائمة في بلادنا، الذي بات تفعيلها اليوم ضرورة ملّحة تتطلبها وتفرضها الدواعي الأمنية والحاجة المجتمعية لتجفيف منابع الإرهاب ومنع تنفيذ جرائمه التي يعتمد عليها للحصول على الأموال لتمويل أنشطته وتحركاته، بدءً بجرائم الاختطاف للحصول على الفدية وجرائم السطو على أموال البنوك ومحلات الصرافة الخاصة وسرقتها بطرائق غير مباشرة، أو مزاولة أنشطة مالية أخرى من الباطن وبإدارة الغير أو الحصول على الدعم في أشكال الهبات والمساعدات المالية المختلفة لغرض تمويل عملياته، والتي تتطلب تفعيل وتعزيز دور الرقابة على دخول الأموال إلى بلادنا وعمليات نقلها والتأكد والتدقيق في توظيفها الأمثل لخدمة الأنشطة الاقتصادية التنموية الآمنة الهادفة لتنمية المجتمع ومنع مزاولة إي نشاط اقتصادي مشبوه قد يسهل لممارسته المناخ السلبي والانفلات الأمني الناتج عن الأزمات السياسية الداخلية التي تعصف ببلادنا منذُ التسعينات من القرن الماضي خصوصاً بعد إن طال تأثيرها بنية الدولة واضعف أجهزتها الأمنية والتنفيذية المعنية بالرقابة على تلك الأنشطة، فضلاً عن ما ألحقته من ضرر بالشراكة المجتمعية مع الدولة في مختلف القضايا وأبرزها التصدي للإرهاب بكافة أشكاله وتعزيز قدرة الأمن على فرض هيبة الدولة.
ولاشك أن صدور قرارات فخامة الأخ/ عبدربه منصور هادي- رئيس الجمهورية- الخاصة باستكمال هيكلة الجيش وتوحيده سيمهد لإفراز مناخ ملائم لتحسين الأداء الحكومي وإعادة إحياء ثقة المجتمع بالدولة ومؤسساتها لإنجاح كثير من المهام المرتقبة التي يعول إن تكون مهمة تفعيل الرقابة الحكومية المجتمعية المطلوبة على الأنشطة المالية المشبوهة وتجفيف منابع الإرهاب في بلادنا ضمن أولوياتها، واتخاذ جملة من الإجراءات العملية كوضع الاحتياطات الاحترازية الأمنية الفاعلة لتحسين الأداء الرقابي لبعض الأجهزة والجهات الأمنية، وفرض قيود للحد من السطو المسلح على أموال البنوك وشركات الصرافة والتحويلات المالية وفي مقدمة تلك الإجراءات استكمال نقل معاشات ورواتب كافة موظفي قطاعات الدولة لاستلامها يداً بيد من البنوك أو البريد, باعتبارها الطريقة الأفضل أمناً وضماناً للحد من عمليات السطو المسلح على الأموال أثناء نقلها عبر مندوبين للمرافق والمؤسسات, تعزيز الحراسات على نقل الأموال من والى البنوك والمصارف الحكومية والخاصة، ووضع احتياطات لمنع جرائم الاختطاف، تلك هي أهم الثغرات التي يركز عليها تنظيم القاعدة في اليمن ويستقلها لتنفيذ عملياته للسطو وسرقة الأموال سوىً بصوره مباشرة أو غير مباشرة عن طريق الدفع بجماعات مسلحة للقيام بها مقابل حصولها على نسبة من المال المستولى عليه.. إلى جانب روافد أخرى تستدعي تشديد الرقابة عليها كإرسال الأموال من الخارج إلى اليمن للأفراد عن طريق التهريب أو تحت غطاء دعم بعض الأعمال والمشاريع المجتمعية المختلفة (والتي في الواقع ليس لها صله بتلك النشاطات المجتمعية أو الأعمال الإنسانية ) وإنما للمغالطة بغية وصولها إلى جماعات ترتبط بتنظيم قاعدة جزيرة العرب، وكذا ما تتطلبه بعض الأنشطة التجارية التي تدر أموال وإرباح تعود بالفائدة على التنظيمات الإرهابية وقادتها من تشديد للرقابة عليها.
إن مهمة تضييق الخناق على أنشطة القاعدة وفضحها من قبل الجهات المعنية في الدولة وكيانات المجتمع، وكذا محاصرة وتعطيل الوسائل التي عن طريقها يحصل التنظيم على الدعم كالتحويلات المالية المقنعة وجرائم الاختطاف، تعد مهمة مفصلية ينبغي العمل على تنفيذها لشل قدرة القاعدة على التوسع والتمدد وإضعافها مادياً ومعنوياً، وبالنظر لأهداف هذه المهمة فإنها لا تقل عن أهمية المحاربة الميدانية المسلحة للتنظيمات الإرهابية باعتبار تضييق الخناق على أنشطتها وتجفيف منابعها المالية يعد عملاً مكملاً لمحاربتها بالتلازم مع إتباع خطوات أخرى، ينبغي أن تتشكل من مجملها الأسس المتينة لنسج شراكة مجتمعية أمنية فاعلة بين المجتمع وأجهزة الأمن لتحديد الطرائق والأهداف وقنوات التنسيق لتوحيد جهودهما المشتركة لشل أنشطة تلك الجماعات الإرهابية في اليمن.
قد ينظر البعض لتلك الإجراءات والخطوات من زاوية ضيقة لما قد يترتب على نتائجها من تشديد مؤقت على بعض الأنشطة الاقتصادية.. إلا أن المبررات والضرورات التي تستدعي القيام بهذه الإجراءات وتشديد الرقابة المجتمعية لإنجاحها تحتم على الجميع التفاعل معها وتشجيع تنفيذها.. لأن نتائجها في الأخير ستصب لحماية المجتمع من خطر الإرهاب وويلاته الذي يستهدف المجتمع اليمني والإسلامي بأكمله، بعد إن أصبحت آثاره المدمرة تشكل كابوساً يطاردهم في الداخل والخارج ومصدر خطر دائم لهم على المدى القريب والبعيد مما يفرض علينا التعامل معه بجديه وعقلانية وإخلاص ووضع المخارج والحلول والمعالجات للتقليل من خطره وآثاره المؤلمة وما تعكسه جرائم تلك الجماعات الإرهابية من نظرة سلبية تجاه المسلمين في الخارج وإلحاق الضرر بهم في الدول الأوربية والغربية وما يترتب عن تلك النظرة من نتائج سلبية كإلصاق التهم بهم ورسم صورة مغايره عن قيم ديننا الإسلامي الحنيف البريء من هذه التنظيمات والجماعات المسلحة وأفكارها المتطرفة..
فلاشك أن حجم الضرر الذي يتعرض له المسلمين في الخارج كأحد الآثار المدمرة للخطر الذي يمثله نمو تنظيم قاعدة جزيرة العرب على حياة اليمنيين يجعلنا مطالبين بتوحيد جهودنا لاستئصاله ونبذ ثقافته وتقويض أنشطته وتقليص مساحة رقعته وتأثيره على الشباب والمجتمعات المحلية واستقرارها، ويحتم علينا الصبر وتحمل أي نتائج (سلبية) مؤقتة قد يفرزها تنفيذ أي خطوات أو إجراءات تقتضيها المصلحة لتجفيف منابعه المالية والمادية والبشرية وذلك لما ستحدثه تلك الإجراءات من نتائج مستقبلية ستضعف قدراته وستحد من توسيع رقعته في بلادنا.. ومن هنا فإن استعادة الدور الغائب للرقابة الحكومية والمجتمعية على معظم الأنشطة والنشاطات التجارية المشبوهة بات موضوعاً ملّحاً ومفصلياً في التصدي للإرهاب ينبغي التعامل معه بمسئولية عالية لوقاية وحماية المجتمع من إخطاره.
أنيس الوادي
الرقابة المطلوبة لتجفيف منابع الإرهاب في بلادنا 1272