في الآونة الأخيرة زادت حدة الضربات الأمريكية "بلا طيار" على الأراضي اليمنية, مسببةً ورائها كثيراً من القتل والدمار في حق أبناء الشعب اليمني وكل هذا يحدث تحت مبرر الإرهاب؛ ومن المعروف أن الإرهاب يمكن أن يكون إرهاباً فكرياً ويمكن له أن يكون إرهاباً سلوكياً أيضاً؛ فإذا وجد هناك من أبناء الشعب اليمني من يحملون في أفكارهم فكرة العداء للولايات المتحدة الأمريكية لأسباب يرونها هم أنها تستحق أن يعادوها ويعلنوا الجهاد ضدها وضد وجودها في المنطقة, فإننا مقابل ذلك نجد أن الولايات المتحدة الأمريكية ترى أن في هذا الفكر تطرفاً وإرهاباً, لهذا يجب عليها محاربة كل من يحمل مثل هذا الفكر في أي منطقة كان في العالم؛ ومع ذلك توجد هناك دولاً بعينها تحمل فكرة العداء لأمريكا, بل وتتمنى لها الزوال من على هذا الكوكب وهي دول تمتلك أسلحة مدمرة ولديها جيوش قويةً ومن الممكن أن تشكل هذه الدول خطراً حقيقياً على وجود أمريكا ومصالحها, إلا أن الحكومة الأمريكية وقفت عاجزة تجاه تلك الدول مفضلة عدم استخدام العنف معهن, داعية إلى الحوار والتفاوض وتقارب وجهات النظر فيما بينهما؛ في حين أننا في اليمن يوجد من أبناء الشعب من يكنون الحقد لأمريكا بسبب سياستها التي تنتهجها ضد العرب والمسلمين وهم في الحقيقة أفراد وليسوا دولاً, إلا أننا نجد الولايات المتحدة الأمريكية تسخر إمكانياتها الضخمة وأسلحتها الفتاكة في ضرب هؤلاء الأفراد بشتى أنواع الأسلحة.. أيعقل أن تتعامل دولة هي من حيث القوة أقوى دولة في العالم مع مجموعة أفراد بهذه الطريقة الغير أخلاقية بسبب أنهم يكنون لها الحقد في ضمائرهم؟!.. ومع ذلك فإن جل من تستهدفهم الطيران الأمريكي بلا طيار في اليمن هم غالباً من المدنيين وأكبر دليل على ذلك ما حدث في المعجلة.
إن من يتابع سيجد أنه وبعد موافقة الرئيس هادي للحكومة الأمريكية بملاحقة أفراد التنظيم القاعدي في بلده"اليمن" وكذلك قصفهم وهذا تصريح كان واضحاً للجميع, عكس سلفه الثائر عليه الذي كشف عنه أنه قال للأمريكان: أنتم اقصفوا أينما شئتم ونحن سنقول إنا نحن من نقوم بهذا القصف.. فسيجد المتابع أن القصف الأمريكي قد تشعب إلى مناطق متعددة في اليمن وربما في الأيام القادمة سيكون لصنعاء وعدن نصيب من هذا القصف.
موجز القول: وجود أفراد يمنيين يحملون تطرفاً فكرياً تجاه أمريكا يقابله وجود تطرف سلوكي أمريكي مدمر وكلاهما إرهابيان بامتياز.. على كل حال نتمنى أن يكون لهذا القصف حد نهائي لأنه ليس كفيلا به أن يعالج مشكلة الأفراد الذين يحملون مشروعاً معادياً لأمريكا, بل إن مثل هذا القصف سيزيد من صب الزيت على النار وربما يكون له تداعيات تكون في صالح من يتعرضون له.
محسن فضل
التطرف والتطرف المضاد 1621