صدمة مدمرة أن يظل الوطن طوال تاريخه يتسلق وينحت صخر العقول المبندقة والتصرفات الهمجية والقناعات والرؤى المؤدلجة وفي نهايات المطاف يكتشف بأسى انه كان يتسلق إلى الأسفل بمراحل طويلة.. وكم تكون خيبة الأمل مريرة حينما نكتشف أن نتيجة تسلقنا كانت لمزيد من الانتكاسات المروعة, وكم تكون الصدمة أليمة أكثر انه وكلما حاولنا تعديل هذه النتيجة محاولين الاعتلاء للأعلى نجد من يشدنا ويسحبنا إلى القاع أكثر وأكثر.
للأسف الشديد وفي ظل هذا الوضع المأزوم والمشتت الذي تعيشه بلدنا حالياً فقد بتنا نعيش التساقط بشتى حالاته وبعد أن كنا نتذمر من أزمة وأحدة تفرخت الأزمات بشكل مخيف وبات اليمني يخرج من بيته صباحاً ويجهل أن كان سيعود أم لا, فيضطر لأن يودع أبناءه بقلب واجف عله لن يراهم مجدداً وربما لن يكون آأمناً حتى في قبره.
ما نشهده حالياً يوضح جلياً أننا تراجعنا للوراء كثيراً جداً بسبب وتعدت الأزمات وصارت لدينا أزمات اجتماعية وأمنية ومناطقية واقتصادية وسياسية وأخلاقية بالدرجة الأولى وبالتالي أصبحت الأزمة إنسانية وباتت تشكل خطراً مجتمعياً كبيراً.
تلاشى في نفس الفرد احترام الدولة وقل فيه الولاء الوطني للبلد بقدر ولاءه للفرد ومصلحته معه وتزايدت وبشكل بغيض تحكمات المشيخيات والواجهات بعد أن كانت ملجمة لحد كبير وحادت الأحزاب السياسية عن مبادئ الحفاظ على أمن البلد حيث أتيحت الآن لها الفرصة كي تقود بسطاء الناس إلى مربع الحقوق بوسائل أكثر فوضوية وتراجع إلى ما وراء المدنية بمراحل. خرج البسطاء من الناس وتقاطرت أحلامهم على مشارف سماوات الوطن كي يزيحوا أغلال القبيلة عن أعناقهم ويؤسسوا لدولة يُحترم فيها الإنسان وحقوقه, إنما فوجئوا بتوغل القبيلة أكثر وأكثر حتى أدمت معاصمهم وخواصرهم وأناخوا كل أحلامهم عند أقدام لا تعترف بالأحلام في زمن اغتيالات الحلم الواسعة القبح.
خرجنا في ثورتنا الموءودة كي نطالب بالمدنية وإزالة السلاح من العقول قبل الأكتاف, إنما الحاصل أن السلاح هو من بندقنا وامتشقه المتعلم قبل الجاهل والمثقف قبل الأمي وأيضاً وبعد أن كنا نريد أن نمدن القبيلة قبيلتنا القبيلة, صارت الحزبية المنفذ الأول والأخير لكسب اكبر المرابح وترك الوطن يبكي رحيل أبناءه المخلصين, هذا بالإضافة إلى أزمة المذاهب التي صعدت بقوة إلى أوج مشاكلنا وأزماتنا وباتت تشكل خطراً كبيراً علينا جميعاً.. وهكذا تسلقنا بالوطن إلى أسفل ولا ندري إلى أي مدى من الحضيض سيصل بنا هذا التسلق المميت.. ربنا يستر.
سمية الفقيه
التسلق إلى أسفل 1522