أخيراً.. توحد الجيش بعد طول انتظار.. وبعد أن كان مجرد عصابات عائلية مسخرة لحماية المخلوع وأسرته وعشيرته.. تتعاقب على قيادته عائلات سنحان.. الآن أصبح للوطن جيشٌ يذود عنه (بعد الله) وأصبح للشعب سندٌ يحميه (بعد الله).. ما عاد هناك حرس جمهوري يقوده متطلع لزعامة شعبٍ وليس فيه ذرة من شيمه، وحالمٌ بقيادة وطن وليس في قلبه ذرة من حب للوطن.. وبالمقابل ما عاد هناك (فرقةٌ) فقد أدت دورها وقائدُها على أتم وجه وأكمل حال.. لا بأس في ذلك طالما أن الجيش أصبح واحداً موحداً ولاؤه لله أولاً ثم للوطن والشعب ثانياً.
ليلة صدور القرارات القاضية بتسريح من تبقى من العائلة لم أنم من شدة الفرح.. فرحت كثيراً.. وفرح من حولي.. أحسست أن كل شيء يرقص فرحاً من حولي ..اتصلت لي إحدى القنوات الإخبارية في نشرة منتصف الليل تطلب مني رأيي في القرارات .. فأجبتها باختصار .. الآن أصبح عندنا جيش.. فأجاب المذيع : ألم يكن لليمن جيش قبل اليوم ؟ قلت له: لا بكل تأكيد.. كان هناك جيش للعائلة.. لم نحس يوماً أنه جيش للوطن.. ففي ظل الجيش العائلي تمددت القاعدة شمالاً وجنوباً.. وفي ظل الجيش العائلي سلبت صعدة.. وفي ظل الجيش العائلي دمرت أنابيب النفط وأبراج الكهرباء في مأرب.. وفي ظل الجيش العائلي سفك دم الثائرين والثائرات في الساحات.
الآن.. وبعد أن توحد الجيش.. بقي أن يتوحد الشعب الذي فرقته: حزبية المؤتمر والمشترك، ومناطقية الحراك الجنوبي والحراك التهامي، وطائفية الحوثي، وسياسة الرئيس السابق الذي كان يرى فيه مجموعة من الثعابين هو الراقص على رؤوسها.. لم يبق لدى أحد عذر في بث الكراهية والفرقة بين أبناء الوطن الواحد.. أصبحت قيادة الجيش وطنية لا تنتمي إلى منطقة بعينها أو عائلة بشخوصها أو محافظة بذاتها، وغداً سيمارس الجيش المهمة الموكلة إليه بعيداً عن السياسة التي لها رجالها.. وهو سيكون الرقيب والحامي للدولة المدنية من أي منحرف يجرها إلى مشاريع ضيقة.
والآن أيضاً.. يجب إعادة تأهيل الضباط والصف والجنود من منتسبي الجيش والأمن الذين ظل النظام السابق وبقاياه يشحنون ولاءهم للعائلة، ويبنون عقيدتهم العسكرية على حماية (الزعيم).. الآن يجب إعادة تأهيلهم من جديد على:
أولاً: عقيدة عسكرية إسلامية قائمة على قول الله تعالى: (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ).
ثانياً: عقيدة عسكرية وطنية قائمة على قول أبي الأحرار الشهيد الزبيري:
بحثت عن هبة أحبوك يا وطني.. فلم أجد لك إلا قلبي الدامي.
د. رياض الغيلي
أخيراً.. توحّد الجيش!! 1460