إن الأمر يتطلب منا أن نكون صادقين مع أنفسنا بقدر ما يؤمرنا به ديننا الإسلامي الحنيف؛ إلا أنه وللأسف الشديد أننا مهما بلغنا من الرشد ومن العلم والثقافة نجد أنفسنا لا نستطيع أن نتخلص من نظريات المجتمع المصطنعة والخاطئة, بل إننا لم نفكر مجرد تفكير في كيفية أن نتجاوز هذه المعتقدات الخاطئة، ففي بلدنا اليمن هناك مصطلح يوصلك إلى فكرة لتعود بك هذه الفكرة إلى معتقد قديم وخاطئ, مازلنا نتوارث هذا المعتقد جيلاً بعد جيل, حيث أن هذا المصطلح المغلوط يتلخص في مجموعة من الكلمات وهي "القبيلي والغير قبيلي".. يا ترى من جزأ الأصل الواحد ومن قسمه؟ مع أننا نعلم أن الإسلام قد حرم ذلك وأكد لنا أن جميع الخلق من أصل واحد, إلا أننا غير قادرين على أن نكون صادقين مع أنفسنا وعاجزين أن نكون صريحين مع بعضنا وأن نعلن بكل صراحة أن هذا المصطلح قد أوجد لدينا رؤية مغلوطة زادت من إضعاف المجتمع وعززت من انقسامه.. لماذا يوجد في هذا المجتمع مكونات بشرية لا تتزاوج إلا في ما بينها؟ لماذا هناك مكونات بشرية إنسانية تمارس مهناً خاصة في حين تعد مثل هذه المهن عيباً في نظر البعض الآخر؟ مع أن جميع هؤلاء يعلمون جيداً أنهم من نفس واحدة, من أب واحد, يتجهون إلى مسجد واحد, يصلون تحت سقف واحد, دينهم واحد وإلههم واحد؛ إلا أن حب الجاه وكبرياء النفس وغرورنا بالحياة قد جعل لكل واحد منا انتماء يفصله عن الآخر مسافة هي أبعد مما بين المشرق والمغرب, في حين أن كل واحد قد يكون جاراً للآخر.
الشيء الغريب أن هذا الفكر صار متوارثاً بالنسبة لنا حتى وإن بلغنا أعلى مراتب العلم والمعرفة, إلا أننا لا نزال نؤمن به والدليل أنه مازال متأصلاً في أوساط مجتمعنا.. أليس عيباً علينا أن نظل نتمسك بمثل هذه النظرية المتعرجة والمتخلفة؟ أين دور علماء الدين وعشاق المنابر؟ أين دور وسائل الإعلام حيال ذلك؟ كيف لهذه النظرية المصطنعة والمتخلفة أن تحد بين رجل وامرأة أحبا بعضهما الآخر وأرادا لنفسيهما أن يكونا زوجين في هذه الحياة؟ هل لأن انتماء كل منهما يختلف عن الآخر؟ كيف صورت هذه النظرية الهزيلة أو هذا المعتقد الخبيث أن في ممارسة أحدنا لمهنة معينة فانه سيصبح قبيحاً في نظر الآخرين؟..
إن مثل هذا الأمر يعد محزناً جداً؛ ففي الوقت الذي ودعنا فيه العبودية منذ زمن بعيد عدنا مجدداً واستنسخنا نظرية خاطئة جزأتنا ووضعت بيننا فواصل وحدوداً.. إن من الواجب علينا اليوم أن نسعى جميعاً في هذا البلد إلى محاربة هذه التمايزات والوقوف ضدها, هذا إذا كنا فعلاً تحرريين نعشق الحرية ونريد للعدالة والمساواة أن تسودا في بلدنا؛ فيجب أن نبدأ بتحقيق المساواة انطلاقاً من هذا الجانب.. أما إذا ظللنا متمسكين بمثل هذا المعتقد ونتوارثه جيلاً بعد جيل, فإنني أخاف أن يلعننا التاريخ ويتبرأ منا ديننا الإسلامي الحنيف.
m.al-sharify@hotmail.com
محسن فضل
من جزأ الأصل الواحد؟ 1637