وضع الإسلام الأسس الكفيلة لقيام نظام اقتصادي غير ربويّ يُحقِّق مصلحة الناس في واقعهم المادي في الحياة الدنيا، ويعين على نجاتهم في الدار الآخرة.. وهنا تتجسد الاختلافات الاقتصادية بين الإسلام والرأسمالية.
لم يكن النظام المصرفي الإسلامي معروفاً ضمن النظام المالي العالمي، إلا بعد ان أثار الانتباه حين بدا منافساً للنظام المصرفي الغربي بتحقيقه معدل نمو سنوي تراوح بين 10 إلى 15%.
منذ حوالي 500 سنة قبل الميلاد)، كان يُعتبر أخذ الفائدة على المال المُقْترض من أسوأ أنواع الاستغلال, ذلك عندما كانت السلطات الدينيّة والمدنيّة مخولة في التنظيم والرقابة على أعمال التسليف وأصبح التسليف لأصحاب الحاجة للأموال من ملوك وحكام، وخاصةً في الأزمات والحروب, حيث كان الذين عندهم فائض من المال يخافون عليه يودعونه في المعابـد مع رجالها لما كان للمعابد من هالة احترام وثقة هؤلاء يتصرفون ويُقرضون المال مما لديهم من ودائع، يُقرضون المزارعين والمحتاجين وغيرهم, ولم يكن الإقراض أولاً من أجل الاستثمار.
ولقد ظهر التفلت في أوروبا، ثم ظهرت قوانين وتعليمات قاسية وشديدة جداً بهذا الخصوص منذ القرن العاشر، واستمرّت هذه القوانين حتى القرن الرابع عشر، حين اضطرّت السلطات أن تسمح لليهود باستيفاء الفوائد الربويّة على الإقراض, ثمَّ سمحوا لسكان شمال إيطاليا الذين هاجروا إلى شمال فرنسا، من لمبارديا، وإلى غيرهم، بعد أن بدأ اليهود يشقون طريق الربا بإلحاح وبوسائلهم المعهودة..
ولما كان معظم المقترضين هم من الحكام والأمراء وأصحاب النفوذ والسلطان، فلم يكن من الممكن منع الإقراض، فامتدَّ التساهل والتسامح مع وجود القوانين المانعة للفوائد، وللاستفادة من هذا التساهل لتوريط المقرض، ثم محاكمته، ثم التخلص منه ومن ديونه.
يشير الكاتب العربي المختص بالدراسات المصرفية د.عدنان علي رضا النحوي إلى أنه وحين بدأ الخطر بأزمـة الرهن العقاري بالولايات المتحدة الاميركية وامتدت إلى أزمة أسواق مالية وأزمة بنوك واستثمار، حتى وصل الأمر أزمة اقتصادية كبيرة، تسارعت الخطى لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، وعقدت المؤتمرات وندوات وقد دعا مجلس الشيوخ الفرنسي إلى ضم النظام المصرفي الإسلامي للنظام المصرفي في فرنسا، وقد استند مجلس الشيوخ الفرنسي على تقارير صادرة عن لجان المالية ومراقبة الميزانية والحسابات الاقتصادية، وبما أن النظام المصرفي الإسلامي يعيش ازدهاراً واضحاً، وقابل للتطبيق في فرنسا، وذلك لاعتماده على القواعد المستمدة من الشريعة الإسلامية، وهو مريح للجميع مسلمين وغير مسلمين.
متى يا ترى تتوحد العملة العربية ويصبح النظام الاقتصادي النظام المصرفي نظاماً إسلامياً لا رباء فيه ولا استغلال؟.. هذا سؤال وحلم أمة.
إيمان سهيل
النظام المصرفي الإسلامي.. حلم أمة! 1539