إذا كان الخديوي إسماعيل قد جر على مصر الاحتلال الأجنبي بعد إغراقها في الديون، فماذا سيجر سلام فياض ومحمود عباس على الفلسطينيين الواقعين تحت الاحتلال مباشرة، بعد أن أغرقوا الشعب بمبلغ 4 مليار دولار من الديون؟
وإذا كان الخديوي إسماعيل قد أغرق أرض مصر ونيلها وقناتها وشعبها بالديون، وكان واثقاً أنه يعتمد على موارد مصر، وقدرتها الانتاجية في سد الديون، فعلى ماذا يعتمد فياض وعباس، حين أغرقوا الشعب الفلسطيني بالديوان، وهما يعرفان أن لا أرض ولا مياه ولا سماء ولا موارد طبيعية لدى الفلسطينيين تمكنهم من سد الديون ؟.
قد يستخف البعض بمبلغ 4 مليارات دولار ديون السلطة الفلسطينية، ولكن قد يطير عقل أي فلسطيني لو عرف أن الفوائد السنوية التي تجبيها البنوك على قرض عباس فياض تبلغ 200 مليون دولار سنوياً، أي ما يعادل رواتب شهرين للموظفين تقريباً.
4 مليارات دولار من الديون تؤكد أن الذي أصر على تعطيل عمل المجلس التشريعي لم يكن غبياً، وأن الذي حرص على عدم وجود رقابة على عمل الحكومة كان يدرك النتائج، ويمكننا الآن أن نفهم أسباب رفض البعض للمصالحة، وإنهاء الانقسام الذي كان سينهي الكذب والزيف والديون والتفريط وبيع الوطن بالقطعة كي نؤمن الرواتب والنثريات.
ولو أجرينا حسبة بسيطة على عدد سكان الضفة الغربية وقطاع غزة البالغ عددهم أربعة مليون نسمة، فمعنى ذلك أن كل فلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة مدان للبنوك المحلية والدولية بمبلغ ألف دولار، وهذا يعني أنني شخصياً وأولادي وبناتي مدان للبنوك المحلية بمبلغ عشرين ألف دولار تقريباً، وعليه يتوجب على كل رب أسرة فلسطينية أن يحسب حجم الديون التي أوقعها عليه عباس فياض، ولنفكر جميعاً بشكل علني في كيفية مقاضاة الرجلين، ومحاسبتهما على كيفية إنفاق هذه الأموال، إذ يكفي أن يعرف الفلسطيني أن ميزانية مكتب محمود عباس السنوية تبلغ 263 مليون شاقل، أي ما يعادل مليون شاقل لكل يوم عمل.
قد يقول البعض: إن عباس بريء، والقرض المالي إحدى جرائم فياض، وصنيعة يديه، ولهذه الأسباب يطالب المجلس الثوري بضرورة التخلص منه.
قد يكون بعض هذا الكلام صحيحاً، ولكن الأصح منه ما ردده عباس دائماً: بأن الحكومة حكومته، وأنه المسئول عن سياستها، وأنه يعلم بكل صغيرة وكبيرة مارسها سلام فياض، وهو المسئول بشكل مباشر عن كل خطيئة.
على الشعب الفلسطيني أن يحل السلطة كي تحلل من الديون، إذ لا مخرج للفلسطينيين من أزمتهم الاقتصادية، ومن التردي السياسي، ومن التفتت الوجداني، ومن ورطتهم التنظيمية، ومن الانتصار الصهيوني المفرط الذي تحقق بعد التوقيع على اتفاقية أوسلو، لا حل إلا بحل السلطة، وتهديم أركانها التي قوضت أركان المقاومة، ومزقت النسيج الوطني الفلسطيني.
د. فايز أبو شمالة
حلوا السلطة تتحلوا من الديون 1981