ليست من مكارم الأخلاق ولا تمت إليها بصلة ،كما ليست من الشجاعة والبطولة ولا تعبر عن موقف احتجاج ولا استنكار مطلقاً، وإنما اعتداء تخريبي ينال من المرؤة والشهامة والإنسانية وقبل هذا وذاك اعتداء على ما حرم الله وجرم كبير يقع فيه من يسعى إلى التخريب وإيقاف عجلة الحياة وهو ما يتنافى مع كل القيم الأخلاقية ،فلم يشهد العرب إلا فيما ندر عبر تاريخهم إن أحدا يخرب مصلحة عامة فما بالنا في من يضر بالملايين ويرهق اقتصاد وطن ويضع شعبا بأسره في حالة توجع سيما من يقعون في مناطق حارة ...نشير إلى هذا وفي ذهننا الاعتداء التخريبي لخطوط الكهرباء بالدرجة الأولى وأنابيب النفط، حيث هناك وفي البلد الطيب (مأرب)التاريخ والحضارة والأصالة يحدث مالا نتوقعه ولا يرضى به أحد من أهلنا في مأرب يرضاه أو يتواطاء عليه، أو يقبل به حتى عن صمت، باعتبار ذلك اعتداء على ما نهى الله عز وجل عنه وجعله من الجرائم الكبيرة التي وضع لها حدا بقدر ضررها (((إلا الذين تابوا ))وهو كرم إلهي يمنحه رب العباد لمن في قلوبهم تقوى ورشد وخوف وإيمان، وليت من يسعون في الأرض فسادا يدركون هذا الكرم الإلهي وينتصرون لآدميتهم ويتوبون إلى الله حتى يبقى المجتمع متعافياً من أمراض دخيله عليه.. وما نظن بأهلنا في مأرب إلا خيرا ولا نشك لحظة أنهم متواطئون على ما يجري من اعتداءات تخريبية على خطوط الكهرباء ،وهم أول من يسعون لتكريس قيم المودة والحب ويقفون أمام ما هو دخيل عليهم وليس من الشجاعة في شيء ويضر بسمعة الوطن قبل سمعتهم ،سيما وقد وجدت في زيارتي لبلد عربي من يتعجب ويسخر كثيرا مما يجري ولا يتصوره أن يحدث ويضع كل ذلك في سياق تخلف عقيم يرجع إلى زمن الإنسان المتوحش, ونعجز نحن من الدفاع والتبرير ونصل إلى درجة الخجل من هكذا أعمال فوضى وتخريب ومما يقال عنا بحيث تحول اليمني إلى أضحوكة ومحل تندر وهو يقدم صورة كبيرة للتدمير تعجز عن تصويره خيال سينماء هوليود وانتقام (رامبو) في الأفلام الأمريكية فيما نحن نصغي إلى هذه التعليقات ولانقدر على الرد ونحاول الإنتقال إلى مواضيع أخرى دونما جدوى .لأن الموضوع لدى العرب وغير العرب فيه غرائبية حد (الفنتازيا )تبقى لديهم مثار ضحك ودهشة في آن. إذ كيف لشخص يهدد دولة ويعتدي خمس مرات في اليوم الواحد على كهرباء بلاد بأسرها ويعلن عن اسمه ولايملك في المقابل الشعب غير المعاناة والذهول ؟فيما الحكومة تكتفي بالشجب وإعلان الاسم في القائمة السوداء وهلم جرا من هذا الكلام العجيب ولاتلبث الحكومة من أن تهدد وتتوعد كما ذات المخرب يهدد ويضع شروطا لمفاوضاته وبين الحالين هو ينفذ التخريب بينما تفر الحكومة إلى الإختبار، كما قال أحد الذين التقيت بهم من الأصدقاء العرب وفي سخرية ممزوجة بالتهكم يمضي ليقول : لم نجد في كل العصور مواطنا يرعب وطنا ودولة ويقهر الحياة إلا في بلادكم أو في السينماء الأمريكية ،ويسخر أكثر من الذين لايجدون ما يوقف هذا الرعب المستمر ليصل به الحال إلى القول: أن شعب اليمن مصاب بمرض ((المازوخية))وهو تعذيب النفس ،لذلك يتبراء من المخرب ويتساهل في طلبه والقبض عليه ،إنه شعب كما قال : :مصاب بالدوار لايعرف من أول يومه حتى آخره كيف يتصرف .وبضحكة ماكرة يقول: (الحكمة يمانية)..هكذا نحن الحضارة والإبداع وقيم الأصالة أصحاب الفنون والعمارة والسدود والري والزراعة وهندسة الحياة، اليوم من عرب النفط وغيرهم نحن محل سخرية ولهم الحق في ذلك، إذلاً يعقل في زمن الفضاء والتكنولوجيا وعلم الجينات والحمض النووي والغوص في أعماق المحيطات ثمة من لايزال أبعد من العصر الحجري في تفكيره وأعماله التخريبية .ولست هنا أتبرم من صاحبنا الخليجي قدر امتعاضي من قوى الصمت وقوى التخريب التي تجاهر وتفاخر بما يندى له جبين الإنسانية .وليتنا وقفنا عند مرؤة مأرب القادرة على ضبط ما يخل بالقيم ،ليتنا نرى أصحاب المرؤة والشهامة وأساتذة التاريخ البشري أحدا منهم تحرك ليقدم صورة مشرقة لمن يسخر من البلاد والعباد ومن مأرب العظيم وهو شاهد حياة وعمق إنتماء وموئل الكرم والبطولات ،ليتنا رأينا مأرب يتكلم ويقف إلى جانب ما يعيد للبلاد روحها الخلاقة وقيم الشهامة ويوقف من تمادوا في غيهم وعتوهم ،وما زلنا نعول هنا على أهلنا في مأرب وننتظر منهم ما يعبر عن ضمير كل اليمانين مادام ودولتنا أصابها الصمم وصارت خرساء الموقف وتهرب من مواجهة الحقيقة ولاتقف إلى جانب القانون وتكتفي بالرصد ومعرفة المخرب ثم تعاود سباتها الفضيع، وكأننا في بلاد كل مسؤول فيها ليس مسئولا عليها، حتى ضاق الحال وغدت الجريمة منطق الذين لا يعرفون الخشية من الله ولا الحياء الإنساني .وأنه لأمر يندى له الجبين من حكومتنا ومن أفعال لا تنتمي للبشرية بصلة .وبين هذا وذاك سيبقى مأرب يتكلم ونحن على يقين أنه وحده مأرب من يضع حدا لكل غطرسة وجاهلية تلحق ضررا بالوطن وتقهر النور وتنتمي للظلام, مأرب الذي يبقى نبض كل اليمانين من يستعيد هويته الحضارية ليقف الوطن من جديد في طريق الإعمار.
محمد اللوزي
داعم الثورة وبطل التغيير 1722