من المعروف أن هناك بوناً شاسعاً بين وزارة التربية والتعليم وبين وزارة المغتربين, فالأولى تعنى بشؤون التعليم وتربية الطلاب والثانية تختص بشؤون من لفظهم الوطن وأجبرتهم الظروف على الاغتراب وترك الديار..
ولم يحدث أبداً لا في الخيال ولا في الأحلام أن تدخلت وزارة التربية والتعليم في شؤون المغتربين وصالت وجالت من أجل المغتربين وأقامت الدنيا من أجلهم وكذلك الحال مع وزارة المغتربين لم نسمع يوما أنها تدخلت في شؤون الطلاب والمعلمين وأنشأت مدارس لتعليم الطلاب في ديار الغربة أو لقنتهم دروسا في الإغتراب وتلك الآلام التي يقاسونها..
وشتان بين التربية والغربة حتى وان تقارب النطق فيما بينهما ومهما حاول المعنيون في بلادنا أن يجمعوا بين (الشتيتين) وضمهما تحت سلطة واحدة ووزارة واحدة أكان في السر أو العلن, وللانتفاع منهما أو للخداع بهما من أجل مأرب وغايات يعلمها أصحابها ومن ينتفعون من عائداتهما وخيراتهما التي لا يعلم حجمها إلا الخالق وحده.
في بلادنا وحدها دُمجتا هاتان الوزارتان لغرض في نفس ( يعقوب), ليس بصفة رسمية وعلنية أمام العامة والخاصة ولكن بطريقة أخرى وهي أن يفرق كل المعلمين والمنضوين تحت السلك التربوي دون أن يمارسوا عملهم التربوي ويؤدون الأمانة الملقاة على عاتقهم ولكن لغرض السفر والهجرة إلى دول الخارج للعمل والاشتغال بأعمال أخرى مربحة ومدرة للأموال وينتفع منها المعنيون في التربية ومن عائدات المربحة ويستفيدون من خلف هؤلاء المعلمين المفرغين والمغتربين وذلك باستقطاع مبالغ من رواتبهم إن لم تكن الرواتب كلها,ويستقطع من كل معلم مبلغ معين بحسب مكانته وقربه من مراكز القرار في مكاتب التربية وعلاقته بمن يمسكون زمام أمور التربية في محافظات الوطن..
وهذا الكلام ليس افتراء أو تجنياً أو حقداً على أحد ولكن الواقع هو من يقول هذا, وخلو المدارس من المعلمين هي من تخبرنا بذلك النقص الحاد في المعلمين رغم الحلول الترقيعية التي يحاول القائمين في مكاتب التربية علمها لسد النقص والعجز في القوى الوظيفية لكل المدارس من خلال "البديل" الذي أعتبر بعضهم ( خراب وتضليل) ولا فائدة ترجى من منهم.
ولو حاولنا أن نفتش بين ملفات وسجلات مكاتب التربية لوجدنا العجب العجاب ولوجدنا معظم المعلمين مغتربين في دول الجوار وبمباركة من مراكز القرار التي تنتفع انتفاع غير عادي من تلك المبالغ الباهضة التي تحصدها من تفريق المعلمين دون أن يستفاد منها في مشاريع أو أنشطة لصالح المدارس ذاتها..
فإن لم تجد وزارة التربية والتعليم بداً من تفريق المعلمين وإبتعاثهم للعمل في الخارج وجعل مدارسنا خاوية على عروشها فالأجدر بها أن تمتزج بوزارة المغتربين وتصبحا وزارة واحدة حتى لا يطعن الناس في شرفها وعرضها ويسيئون لتربيتها الرفيعة وأخلاقها العالية..
فهل نأمل في معالي وزير التربية والتعليم أن يحقق لنا هذا المطلب حتى لا نقع في (اللبس والخلط) بين هاتين الوزارتين؟! (مع اعتذاري الشديد لإخواننا المغتربين الذين يعيشون أحلك اللحظات).
فهد علي البرشاء
وزارة التربية والمغتربين!! 1454