قال صلى الله عليه وسلم:
"أحرّج عليكم حق الضعيفين المرأة واليتيم"
وكان من أخر وصاياه صلوات ربي وسلامه عليه: "استوصوا بالنساء خيراً..."
وأكد بأن كرام الرجال " أكرمهم لأهله"
فأين رجال هذه الأيام من هذه الوصايا البيّنة في الترفق بالنساء؟
ترى لماذا عمي الكثير منهم عن ضعف المرأة وأصبحوا يعاملون النساء بندّية ؟!
لماذا نرى البعض يصب ألوانا من العذاب على نسائه؟
ثم لماذا يظن الكثيرون بأنهم غير مؤاخذين بإخلالهم بالعهد مع النساء, ونجدهم يتوسعون في فهمهم لإباحة المشرع الكذب بين الزوجين إلى حد تضييع الحقوق!!
الراجح أن المشرّع أباح الكذب بين الزوجين في قضية واحدة فحسب، ألا وهي تطييب النفس بالمديح والثناء وادعاء المحبة ولو كذباً، هذا أولاً.
وأما ثانياً:
فالأصل في التعامل بين بني الإنسان عدم التفريق بين جنس وآخر وبين طبقة وأخرى وحتى بين دين وأخر..
فقيم الخير والعدل والفضيلة ثابتة, لا تفرق في الجزاء ومنح الحق ورد البغي, ولا تميّز أحداً على أحد..
وفي ديننا ثمة تأكيد على منح النساء حقهن في التعامل الإنساني الراقي, وهذا يدلل على الطبيعة المتأصلة في الإنسان ألا وهي " الاستقواء على من هو أضعف منه "
وهذا ما دعا نبي الله "صلى الله عليه وسلم" لتكرار الموعظة للرجل, وفي أكثر من موطن، مذكراً إياه بوجوب الإحسان للمرأة والترفق بها بل وإكرامها.
وقد اجتهد الرجل المسلم على مر العصور في تطبيق هذه الوصايا ومجاهدة " الأنا العليا " فيه ليكون نموذج الرجل الرحيم الرفيق بالمرأة وقد نجح في ذلك بالفعل, إذ ساق لنا تاريخنا الإسلامي صوراً جميلة من إكرام الرجال للنساء والعصور متطاولة بعد الإسلام..
وهكذا عاشت المرأة في صدر الإسلام وبعده لقرون معززة مكرمة مصونة في نطاق الأسرة والمجتمع..
واليوم نرى خللاً بيّنا في الإتباع لوصايا النبي بالرفق بالنساء, وكان مبدأه مع تدني الأمة وانحطاطها ببعدها عن تعاليم دينها.
وأسوأ شيء تواجه به المرأة في عصرنا هو معاملة الرجل لها بندية!
والمفارقة المحزنة للمرأة أنهم يبدون ندية مقيتة معها في الانتقام لذواتهم, ولا يظهرون شيئاً من الندية في تقديم الاحترام والوفاء بالعهود!!
وهذا لون من أشد ألوان العنف الممارس على النساء في زماننا هذا.
ومن أهم أسباب تفشي ممارسة هذا السلوك العنيف مع النساء هو أن المرأة استطاعت في الأزمان الأخيرة أن تصل لدرجة متقدمة من النبوغ العقلي والفكري والعملي, فأضحت تنافس الرجل في كافة ميادين الحياة, وابتعدت بعض الشيء عن الفطرة الأصيلة لها, والوارد وصفها في قوله جل وعلا "أومن ينشؤ في الحلية وهو في الخصام غير مبين"، فنرى العديد منهن وحتى من غير النساء العاملات تظهر ترجلاً في سلوكها وتتقن الجدال أكثر من الرجل..
ولكن هل يعني هذا أنها أصبحت رجلاً!
بالتأكيد لا، بل هي مازالت كما هي, مخلوق رقيق لطيف حنون, تخفي في وجدانها ضعفاً لا يتلاشى أبداً, وهو سر أنوثتها, ومكمن قوتها الحقيقية, وبوجوده تنجح في تكوين أسرة وتربية أطفال وتشكل بفضله حلقة وصل بين الذكورة والأنوثة في منظومة الأسرة, و بهذه العاطفة الجياشة التي تملأ وجدانها تحتوي جميع أفراد أسرتها, وتبني أهم لبنات الحياة وتصنع البشرية..
فلا تغتر أيها الرجل بمظهر خشن لامرأة, وضع نصب عينيك دوماً وصايا حبيبك محمد صلى الله عليه وسلم وترفق بها، وهذا هو مقياس الخيرية "فخياركم خياركم لنسائهم".
نبيلة الوليدي
مقياس الخيرية .. 1477