كل شيء في تركيبة الإنسان خلق بدرجة دقيقة, إذ سخر له الله سبحانه وتعالى في هذه الدنيا ما يفي بحاجاته ويسد مطالبه، فإذا كانت الرئتان بحاجة إلى الهواء, فقد خلق الله من الهواء ما يكفيها.
ومن هذا المنطلق ما نزال نتساءل: لماذا طمع الإنسان الواسع وغير المشروع لا يحد والتي كان وما زال ينبوعاً لتوالد الفساد؟..
عندما نلاحظ الطامعين من الذين فضلوا حب الدنيا ونسو بأنهم سيلحقون بمن سبقوهم ممن تركوا ورحلوا الحياة الفانية تاركين وراءهم كل ما جنوه جراء طمعهم وجشعهم نجد انهم لم ولن يقنعوا بما كتب الله لهم.. إذ تراء لهم بأن كل ما في هذه الدنيا لن يشبع أطماعهم أو يلبي طموحاتهم وآمالهم ،فلو أعطينا أحداً منهم وادياً من ذهب لتمنى وادياً آخر, فإذا تولى احد منهم على شعب نلاحظ انه يتمنى السيطرة ومد نفوذة على شعب آخر.
وهذا هو السبب الذي خلف لنا الصراعات القائمة في بلادنا بعد أن استشرى جذور الفساد الذي عانى وما زال يعاني منه مجتمعنا اليمني خاصة والعربي عامة.
ومن هنا لابد أن نؤسس لا نفسنا حلولاً مناسبة تجنبنا شرور الفاسدين والمصابين بمرض الطمع ومن هذه الحلول إن نعمل على غرس (القناعة ) في مجتمعنا التي لا ينعم الإنسان إلا بها ومن خلالها سنشعر بالطمأنينة وتبادل المودة والإخاء والتراحم فيما بيننا ولكي نتجنب هذا المرض الخبيث وننعم بعيشنا الكريم لابد لنا بأن نكون عند حسن ظن بعضنا البعض، عملاً بالقول المأثور (من اقتنع بالقليل استغنى، والقناعة كنز لا يفنى).
لن نستطيع اجتثاث الفساد إلا بتجفيف وقلع ينابيعه.. لابد لنا أن نبدأ بإصلاحات شامله وأن نصلح انفسنا أولاً والآخرين ثانياً.
لن نستطيع بناء وطننا إلا إذا أخلصنا النية في صلاح أنفسنا وتسلحنا بالقناعة واكتفينا بما أعطانا الله وحافظنا على حقوق بعضنا البعض وصناها من ضعاف النفوس الذين يتبعون شهواتهم في حب المال.. ومن هنا سنبني وطناً وسينعم الجميع بالعيش الكريم المأمول من الشرائح الفقيرة التي كانت فيما مضى ضحية للطامعين والفاسدين وذلك بمصادرة حقوقهم والاحتيال على ثرواتهم التي من شأنها معالجة عيشهم.. عليهم إن ينهضوا من سباتهم وان يقولوا كلمة الحق لا يخافون في الله لومة تلاؤم ،عندها سنؤسس لمجتمع خال من الفساد.
نعم إن الفساد اكبر مرض عانى منه اليمنيون في العهد السابق وما زالوا يعانون من بعض أعراضه المتجذرة والتي ما زالت تمثل كابوساً على رؤوس الوطنيين في ظل إصرار بعض رموزه على الاستمرار في نهجهم المدمر غير مبالين بمعاناة هذا الشعب العظيم الذي صبر عليهم كثيراً ولم يعد في مقدوره تحمل عبثهم واستخفافهم الذي صار مكشوفاً ومعروفاً لدى الصغير قبل الكبير.
وفي الأخير أتمنى بأن يكون العلاج الحقيقي لهذا المرض في ملف الحوار الوطني الذي لاشك انه سيخرج بصيغة تنقذ الشعب, وما علينا إلا الانتصار لما سيسفر عنه الحوار الوطني ونتائجه المرجوة بعد ستة أشهر من انعقاده.
صالح عبدالله المسوري
ينبوع الفساد 1241