anomanlawyer1@gmail.com
في الشعر حكمة وبيان قال أبو الطيب المتنبي:
لا يسهرُ الليلَ إلا من به المٌ
ولا تحرقَ النارُ إلا رجلَ واطيهَا
فأعني بهذا البيت المغترب اليمني في الجارة الشقيقة السعودية وبالأخص الذين تنطبق عليهم تعديلات قانون العمل السعودي ولديهم (فيز) ولكنهم يعملون لدى غير الكفيل فهؤلاء هم الذين يعيشون الهموم والأحزان ويسهرون الليل ويتعرضون للملاحقة والمطاردة لهم إلى مراكز أعمالهم ومن أُلقِيَ القبض عليه يكون مصيره الإهانة والسجن ثم الطرد والترحيل مع انه لا ذنب له ولا جُرم فأوراقه سليمة ودخوله إلى المملكة مشروعا بجواز سفر وتأشيره من السفارة السعودية وفيزة دفع ثمنها آلاف الريالات السعودية وربما استلفها من الغير إلى أن يغترب ويُرسل بثمنها..فيُفاجأ أن السلطات السعودية قد قبضت عليه ورحلته تحت مبرر تعديل في قانون العمل أو تطبيقه أو لأن المغترب يعمل لدى غير الكفيل وبإذن منه ! إنها الكارثة أو الطامة الكبرى! ما هكذا يُعامل الجار جاره ورب العمل عامله!..
إن العامل يحتاج إلى تكريم وتبجيل واحترام لاسيما وانه ترك أسرته وأقاربه وأصدقائه ووطنه وهاجر إلى وطنه الثاني السعودية ليعمل ويبني ويعمر ويبدع ويقدم خبرات في مختلف المجالات فهل يُجازَى بالقبض المفاجئ والطرد المخزي دون مبرر أو سابق إنذار كما لم يُمكّن من اخذ حقوقه ورواتبه وأمتعته . وقد لوحظ من خلال الصور التي نشرتها وسائل الإعلام المختلفة إلقاء القبض على بعض المغتربين بصورة همجية وحشية وإلغاء الإقامة عليهم ونقلهم إلى حجز الترحيل على الفور.. أي قانون هذا الذي لا يحترم الحقوق ولا يراعي حسن الجوار ولا يحفظ كرامة ولا يحمي مروءة ولا يصون قيم إنه قانون الغاب الذي يقطع الرحم ويمزق أواصر القربى ويهدم حقوق الجيران بل ويدمرها وفي بلد عربي إسلامي مهبط للديانات السماوية فيه قبلة المسلمين (الكعبة المشرفة) التي احد أركانها (الركن اليماني) الذي لا تكتمل مناسك أي حاج من أي بلد في العالم إلا بتقبيله عن قرب أو بعد أو التأشير إليه.. فما هذا الجفاء الذي وقع فيه الإخوة السعوديون؟ فالحقوق والروابط بين شعبي البلدين عديدة عروبة وإسلام قرابة ونسب وجوار عادات وتقاليد وثقافة كل هذه الحقوق توجب حسن التعامل والتيسير والإعانة للمغترب اليمني وتشغيله قبل غيره من العمالة الأخرى لكن ومع كل ما حصل فلا يزال الأمل يحدونا في أن تتراجع السلطات السعودية وتستثني العمالة اليمنية من (قانونها الظالم) فالوضع الاقتصادي المتردي في اليمن هو الذي اجبر ما يقارب من ثلاث ملايين مغترب على الهجرة إلى السعودية للعمل فيها منذ عقود من الزمن وليس من الآن, أضف إلى ذلك الأزمات المتواصلة التي كان يفتعلها الرئيس اليمني السابق داخليا وتصل في بعض الأحيان إلى إساءة العلاقة مع الجارة السعودية سياسيا وينعكس ذلك سلبا على المغتربين ولولا ذلك لما هاجر احد إلى الجارة فالغربة مخافة ومهانة وكربة قال الإمام الشافعي:
إنَّ الغريبَ لهُ مخافة سارقِ
وَخُضُوعُ مَدْيونٍ وَذِلَّة مُوثَقِ
فإذا تَذَكَّرَ أَهلَهُ وبِلاَدَهُ
ففؤادهُ كجناحِ طيرٍ خافقِ
أحمد محمد نعمان
المُغْتَرِبُونَ بَيْنَ مَهَانَةِ الغُرْبَةِ وَتَرَدّي الأوْضَاعِ! 1849