لقد تعايش اليمنيون (شوافع وزيود ) لقرونٍ طويلةٍ من الزمن, لا توجد أي اختلافات تُذكر بينهم وقد استمر هذا التعايش الجميل فيما بينهم إلى أن قامت الوحدة اليمنية المُباركة عام 1990م, ولا أدري ما الذي يدفعهم إلى التشظِّي والتمزق؟ وأصبحنا نرى فيهم ما يُسمى بالتيارات الفكرية المُتباينة والطوائف العقائدية المُتعددة مثل السلفية والإسماعيلية والوهَّابية والإثنى عشرية.. الخ.
ألا يكفي ما نسمعهُ ونشاهدهُ في سوريا والعراق ولبنان مِن مصائب وشرور وحُروب مُخيفة. نتيجة تلك الطوائف والتيارات الفكرية, في وقتٍ كان اليمن سليماً مُعافى من تلك المصائب والشرور والحروب الطائفية؟.. ألم نعتبر منها؟ لماذا لم نأخذ منها الدروس والعبر؟ فهل نحن بحاجة إلى تلك الاختلافات والتبايُنات الفكرية التي تهدم ولا تبني ؟؟ تفرِّق ولا توحِّد؟ ألا يكفينا التباينات بين الأحزاب والتنظيمات السياسية القائمة في بلادنا اليوم؟.
وقد تكون الاختلافات السياسية أمراً مقبولاً ومُسلماً به في إطار النظم الديمقراطية القائمة التي لا مناص منها وتعتبر ظاهرةً صحية, لكن بالنسبة للطوائف العقائدية, فلسنا بحاجة إليها, فهل إسلامنا وإيماننا المُتجذر في نفوسنا منذ عشرات القرون بحاجة اليوم إلى تجديد؟ بل إننا نتساءل متى كان الإسلام بالياً؟ فالدين الإسلامي ولله الحمد صالحاً متجدداً ذاتياً على مر السنين والعصُور إلى أن يرث الله الأرض ومَن عليها بإذن الله تعالى.
فيا أهل اليمن اتقوا الله في أنفسكم وفي شعبكم وبلادكم.. ابحثوا عن ما يلم شعثكم ويوحِّد صفوفكم.. فما الذي دهاكم بالله عليكم ودفعكم إلى الطائفية والتناحر فيما بينكم؟ أليس ذاك بطراً منكم ؟ فهل أنتم راغبون في تكرار الآية التي نزلت على أسلافكم اليمنيين عندما كانوا في خيرٍ ورخاءٍ حتى قالوا ( ربنا باعد بين أسفارنا )؟.. إذن لماذا لا نصوٍّب أخطائنا ونعود إلى ما كنا عليه من الاعتدال والوسطية؟ فقد كُنا إخوةً مُتعايشين فيما بيننا وإن كانوا غالبية أهل اليمن على المذهب الشافعي (رضي الله عنه ) وكانت كل التشريعات والفتاوى الدينية والأحكام الشرعية والفقهية قائمةً على المذهب الشافعي دونما يُحدث ذلك بيننا أي اختلافات تذكر, ولا توجد أصلاً اختلافات بين المذهب الشافعي والمذهب الزيدي الهادوي إطلاقاً, فلماذا نبحث اليوم عن أمور تمزقنا وتشظينا إلى تيارات وطوائف؟ وقد تتطور مستقبلاً (وهذا وارد جداً) وقد تغدوا اختلافات طائفية قبلية مناطقية عشائرية ونعود (لا سمح الله) إلى عصور الجاهلية, فلماذا لا نراجع أنفسنا ونعود إلى حيث الأمن والأمان والتعايش الاجتماعي الحضاري الإسلامي النقي؟ لنكون مثالاً عربياً وإسلامياً يُحتذى به؟ أليست الحكمة يمانية والإيمان يمانٍ يا إخوة الإيمان؟ فهل أنتم راضون عن تلك المُهاترات بين المساجد التي باتت هي الأخرى مساجد مُتخصصة فذاك سلفي وذاك وهَّابي وآخر إثنى عشري وهلَّم جراً؟.. سؤال يطرح نفسه اليوم وبقوة.
نقول هذا ونحذِّر في الوقت نفسه الجميع من مغبَّة التمادي في تمزيق أمر المسلمين والإمعان في إذكاء الفتنة بينهم.. وعلى اللهِ قصدُ السبيل.
علي نصر المنصوري
يا لهف نفسي على بلدي 1295