لعل الجميع يتذكر أيام الثورة ذلك المغترب اليمني الذي ظهر في إحدى القنوات وهو يعيش الفعل الثوري بروح متقدة, بل كان كثير منهم لا ينام إلا بعض الوقت وهو يتابع الأحداث أولاً بأول، بل وبذل منهم ما يستطيع من المال والوقت والجهد، فكانوا شركاء فاعلين في ثورة يمنية عظيمة انتظرها التاريخ طويلاً.. أتعرفون لماذا فعلوا كل هذا رغم أن الكثير يعتبرهم بمنأى عن معاناة الناس في الداخل وأنهم أحسن حالاً من غيرهم؟..
إنهم فعلوا ذلك وبذلوا وضحوا، لأنهم رأوا في هذه الثورة بارقة الأمل لأن يكون لهم وطن يمنحهم القيمة التي فقدت منذ زمن بعيد. شاهدوا في وجوه الثوار إرادة التغيير التي ستنتشلهم من الإهمال واللامبالة المفرطة التي بلغت حداً يخجل معه المرء من أن يحكي قصصاً مؤلمة من تعامل السفارة والقنصلية، بل ممثلي الجالية في مختلف مناطق المملكة.. إن الذي أورد المغتربين اليمنيين موارد الهوان والذل هو النظام السابق وممثلوه في الجارة السعودية وعدم تفاعل هؤلاء مع قضايا المغترب اليمني وتخليهم عنه في أحلك الظروف، بل وفرض رسوم غير قانونية سواء في السفارة والقنصلية أو المنافذ البرية، إضافة إلى التعالي غير المسئول والسمسرة الرخيصة , ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل تكاد تذوب حسرة حين تعلم أن هناك العديد من المسئولين والمشايخ يزورون الجارة ومعهم خطابات للأمراء بطلب مساعدة إما شخصية –وهو الأغلب - أو ربما باسم مشروعٍ ما , أقسم أنني أشعر بالخجل وأنا أتحدث عن هذا الأمر المخزي والغير لائق تماماً بيمني كريم.
إن من أساء لليمن واليمنيين في الخارج هو كل موظف دبلوماسي يمارس الفساد وكل مسئول أو شيخ يطلب المعونة من الأمراء وكبار الشخصيات هناك وكل موظف في أحد منافذ الوطن يمارس الفاسد مقابل عمله الذي يتقاضى راتباً للقيام به وأحياناً يكون المبلغ عشرة ريالات سعودية تخيلوا هذا هو قيمة الوطن لدى هذا الشخص , ثم زاد الطين بلة اختلاف وزير الخارجية ووزير المغتربين.. ليكون المغترب ـ كالعادة- هو الضحية الأقرب لهذا العبث الذي استمر لسنوات ومازال على ذات الأخطاء الجسيمة.. مع هذا فإننا نأمل من المؤتمرين في مؤتمر الحوار الوطني أن يولوا المغترب اليمني أهمية تليق بقيمته الوطنية والاقتصادية وتعيد له الاعتبار المنبثق من عظمة هذا الوطن , كما نرجو من الإخوة المتعاطفين مع المغتربين في الداخل ومن وسائل الإعلام المختلفة في اليمن أن تصوب هجومها نحو مكمن الخطأ وألا يزيدوا من معاناتهم من خلال تلك الحملات والعبارات التي تزيد الأمور تعقيداً، فهذه القضية تحل دبلوماسياً وليس بالكلمات النابية والعبارات الحادة ولا ينبغي أن ننسى -ونحن نعبر عن مشاعرنا- أصالتنا وسمو أخلاقنا العربية ونحن الذين قال عنا المصطفى عليه الصلاة والسلام (الإيمان يمان والحكمة يمانية).
تغريدة:
أصبح اليمني في الخارج كاليتيم الذي تخلى عنه ذووه, وإن كرامته من كرامة الوطن التي تمثلها قيادة حكيمة تحترم الإنسان كأعظم قيمة وطنية.
توفيق الخليدي
من الذي أساء للمغتربين؟! 1775