ليس استعطافاً أو تذللاً, ليس كبراً أو غروراً, ليس عجزاً ولا خضوعاً.. ورغم الذي نحن فيه, وما نعاني منه, أقول ولست شاكياً, ولن أشكو: إن ما يجري لا يمكن أن ينسى, وما قاله البعض لا يليق ولا يمكن أن يكون حلاً, وليعلم إخواننا هناك أننا لسنا أجانب ولا دخلاء, ويعلم إخواننا هنا أن السب والشتم والتجريح ليس فيه نفع ولن يجدي..
أقول ونحن في هذه الحالة الضيقة, والأوضاع المؤلمة إننا لم نزل أصل العرب, ومنبع العروبة, وأهل الإيمان والحكمة والشورى, فكيف نكون أجانب وفي بلاد العرب؟ هل تخلت جزيرة العرب عن عروبتها؟ هل نسي الخليج أنه عربي؟ هل تنكر قريش أصلها؟ هل تنكر يثرب أهلها؟ هل نست الكعبة تبع, ونست نجران الأخدود؟ أين الأوس والخزرج؟ هل رحل العرب عن أرضهم, أم رحلت أرضهم عنهم؟ أليس من العجب أن يكون أصل العرب في بلاد العرب تحت الكفالة, وأن يعيش الواحد منهم عشرات السنين وبالإقامة المتجددة.. بينما يحصل في بلا د العجم (الغرب) على الجنسية وفي مدة لا تتجاوز الخمس سنوات؟ ما الذي حدث وما الذي يحدث يا ترى؟.. إنها تلك الأنظمة وسياستها الخاطئة.. نعم, ولكن أين الإسلام والمسلمون والعلماء والدعاة؟ ألسنا مسلمين؟ أليست بلاد الحرمين التي في قلب جزيرة العرب هي بلاد الإسلام والمسلمين؟؟ فلماذا نرى العربي المسلم في بلاد العروبة والإسلام يعيش وهو محروماً ومسلوباً من كل الحقوق التي جاء بها وكفلها له الإسلام؟ هل غادر المسلمون عن الإسلام؛ أم أن الإسلام غادر عنهم؛ أم أن الإسلام والمسلمين غادروا جميعاً عن بلادهم؟..
يا إخواننا في الدم والدين والأرض,ـ أعني الشعوب ـ إن دمنا واحد, وديننا واحد, ونبينا واحد, وربنا واحد, وأمتنا واحدة, وقبلتنا واحدة,, وأنتم تعرفونا جيداً, ولا يخفى عليكم ما نحن فيه... فاذا كنتم كما تقولون بأنكم حريصون على الأمة ودينها, وأنكم تمثلون السنة وأهلها, وتخافون عليها من كسرى وشيعتها, وقيصر وأتباعه؛ فإن ما تقوم به أنظمتكم, وتصرفات بعضكم, والسكوت على ذلك, ليس إلا ضد الدين والأمة, وضد الكتاب والسنة, ألا ترون أن تلك التصرفات والتعاملات لا تمت إلى الدين وسنته بصلة, وأنها تزرع الحقد والكره في قلوب الكثير من أبناء السنة ضدكم, وتجعل منهم جنوداً لفارس وشيعتها, وخدماً لقيصر وأتباعه؟!..
يا إخواننا: خيراً لكم وأفضل, أن تجعلوا مننا إخوانا وأحباباً وسنداً وعوناً لكم وللأمة.. فتلك الأفاعي التي تتربص بكم وبنا وبأمتنا الدوائر لا ولن يصدها ويمزقها ألا أهل اليمن ولن يحمي الأمة ودينها إلا أهل اليمن, فهم الأنصار وأهل المدد والفتوحات وقادة الأمة وجنودها, ومنهم يأتي نفس الرحمن.
يا إخواننا أقول: لسنا ولن نكون أجانب ولا دخلاء، ليس حقداً منّا على ما أنتم فيه؛ كما يزدري بعضكم من الحال الذي نحن فيه, وليس حسداً منّا على ما تحت أيدكم من الثروات, والتي يكفي كل شعوب الأمة نصفها, إلا أن أكثركم، رغم ذلك ليس لديه شيء, ولستم بالقياس مع غيركم من الشعوب أفضل حالاً، رغم ما لديكم.. ونحن لا نتمنى أن تكونوا في مثل حالنا هذا, ولا نتمنى أن نكون مثلكم في الذي أنتم فيه.
يا إخواننا: نحن لا ننكر فضلاً, ولا نجحد معروفاً, ولا نتخلى عن واجب.. فدوام الحال من المحال والأيام دول, فلا تنحروا فضلكم, وتذبحوا معروفكم, وتفروا عن واجبكم, ولا تقتلوا إخوتكم بتلك التصرفات والتعاملات والقوانين التي لا يقبلها عرف ولا قانون ولا دين من الأديان.. نحن لسنا أجانب ولا خلاء.
معاذ الجحافي
إلى الجوار.. نحن لسنا أجانب ولا دخلاء 1485