أود أن أنبـّه القارئ الكريم أن تناولي لهذا الموضوع ينطلق من مبدأ أخلاقي لا علاقة له بمن يرأس الجامعة أو يعمل فيها, ولكنه يتلمس الواقع الذي يعيشه الطلاب والطالبات الذين ما يزالون يطوفون خلف أسوار الجامعة ويستغيثون انقاذهم من الوضع الذي بات يُعرف بالتهميش الجامعي.
ثمة حكاية قديمة ومثيرة للجدل يتداولها البعض مفادها أن طاهشاً ( حيوان مفترس) كان له شكل عجيب, يخرج في الليل ويلتهم الأطفال ويفزع السكان ويخرّب المنازل في منطقة الحوبان بمحافظة تعز ولا يملُّ أجدادنا وخصوصاً كبار السن من تداول الحكايات وخلق الأساطير حول هذا الطاهش المشهور والذي بات يُعرف في جميع أنحاء اليمن بطاهش الحوبان.
لم أكن مستغرباً حينما جعلت عنوان هذا المقال مُلفتاً للانتباه, لكني سرعان ما أقول إن طاهش الجامعة اليوم لم يكن إلا فساداً مفترساً يشبه طاهش الأمس.. من حيث هذا التشبيه ينطبق القول وتنطلق الحقيقة بعد أن أُقفلت الجامعة أبوابها في وجه تعز بأكملها وليس في وجوه طلاب وطالبات لوحدهم في محافظة لها بريقها ولمعانها تسمّى بعاصمة الثقافة اليمنية!.
نـزح إخواننا الجامعيون وأخواتنا الجامعيات للاعتصام المفتوح في أحد شوارع المحافظة؛ ليسمعهم كل من يهمه الأمر بعد هذا الإهمال الذي أصبح فيه الطاهش باسطاً على هذا الحرم الجامعي الشامخ.. فهل من مجيب لهذا النداء؟.
لقـد أصبح الفساد في الجامعة يُعد من الظواهر الخطيرة التي تثير استغراب الكثيرين من المعلمين والنقّاد والصحفيين والأطباء والطلاب الجامعيين أنفسهم, بكون الجامعات تُعتبر أساساً هي المنبر الحقيقي الذي يرتقي ويستقي من خيراتها العلمية والفكرية كل أبناء الوطن وتعدّ أيضاً هي المكان الراقي الذي يحتضن الشباب ومن خلالها يتزود منها الأجيال بالعلوم والثقافة والسلّم الذي يرتقي منه البلد.. ولهذا أصبحت الجامعات اليمنية عامّة ومحافظة تعز خاصّة مأوى لهذا الفساد ( الطاهش) الذي أتاح له البعض مهمة الدخول ومهّد له الطريق إلى هذا المكان الذي يرتقي بالعلم والمعرفة!.. فما الذي سيتبقى من الجامعة بعد هذا التهميش؟.. وكيف سيُبنى المجد والفساد ما زال قائماً؟.. وهل تحول طاهش الحوبان إلى منطقة بير باشا يقطن في الجامعة؟..
فمن الضروري محاربة الفساد أياً كان مصدره والحقوق لا تنهب وإنما تُعطى لأصحابها, فإذا كان الملح مادّة نلجأ إليه لنحفظ به الطعام من الفساد فإن الجامعة هي الأداة الأقوى والأمثل والأقوم لمحاربة الفساد وتجفيف منبعه.
خليف بجاش الخليدي
طاهش الحوبان في جامعة تعز 2500