رغم طول أمد الثورة اليمنية، ورغم التضحيات الكبيرة ، ورغم الدروس العظيمة التي خرجنا بها كزاد مستقبلي للحياة، ورغم التغيير الذي أحدثته الثورة- ولو كان جزئياً.. رغم كل هذا إلا أن هناك من لا زالوا واقعين تحت تأثير تخدير الماضي، حيث لم يتغير شيء في عقلياتهم، فما زالوا كما هم، وليس ثمة شيء يستحق الذكر طرأ على حياتهم، وجعلهم يسيرون في ركب التغيير، ولو بأبسط مفرداته!.
ما جعلني أكتب عن هؤلاء الذين يحاولون الوقوف في وجه الزمن الذي (سيبطحهم) بقوته، وسيجرفهم بسطوته، هي الحادثة التي وقعت لزميلي الإعلامي مروان المنصوب، والذي تعرض لعملية سطو واعتداء مسلح قبل عدة أيام، وعندما ذهب المنصوب إلى أحد أقسام الشرطة في تعز- قسم صينة بالتحديد- للتبليغ بما حدث له، تم إيقافه هناك ليومين متتاليين دون إبداء أي سبب، وبعدها تم تحويله إلى إدارة أمن تعز بعد تلفيق تهمة كيدية له، وبعد خمسة أيام من الاعتقال تم الإفراج عنه!!.
نعم ، لقد أصبح الضحية مجرماً، وأمسى المجرم حراً طليقاً يعبث كما يشاء، يروع الآمنين، ويقطع الطريق على الناس، وينشر الرعب في كل مكان يحل فيه، ويُدخل (الأمن) ذاته في دوامة (خوف) لا تتوقف، ولا أحد يعلم نهايتها إلا الله والراسخون في الأمن الخائف حد الارتجاف!..
ولكن ما لم أتصوره أن يُسَخِّر البعض مناصبهم لوظيفة التلفيق والاتهام فقط، ولهذه الدرجة المجنونة، حيث تشتكي من تعرضك للاعتداء والسطو، فيتم القبض عليك، وإيداعك (بيت خالك) لخمسة أيام متتالية، فقط لأنك مع الثورة وذاك كان يقف ضدها، وفقط لأن هذا يرتضي تأدية دور العبودية، بينما أنت وأمثالك وهبتم كل ما تملكون لكي تنالوا الحرية، ولا شيء سواها!..
هل يرضى المسؤولون عن الأمن في تعز بهذا الأمر؟، هل يقبل مدير أمن تعز بأن يحدث هذا في ظل مسؤوليته؟، وهل المحافظ شوقي يوافق على هذا الكلام؟.. التغيير حدث، ورغم أنوف الجميع ، وعلى من لا زالوا أسرى (بياداتهم) العسكرية أن يخضعوا لعقولهم قليلاً، فالبلد قد (عطفت) البلطجة وحركات (النص كُم) والخُبرة عادهم (مُفرِّشين).. هو نداء عاجل نتمنى أن يصل قبل أن يستفحل الأمر، ونجد ردة الفعل الموازية للفعل في القوة، والمضادة له في الاتجاه، بل وقد تكون أكثر قوة!!.
طارق فؤاد البنا
حين يغدو الضحية مجرماً 1692