من السذاجة التفكير بأن معركتنا من أجل الدولة المدنية الحديثة والمستقلة عن التبعية, ستنتصر مع رحيل طاغية أو في صندوق الاقتراع، بعد عقود من تجريف العقول وشراء الذمم وتغييب القيادات وهدم النخب الثقافية والسياسية, كل هذا شكل ممراً صعباً وقاسياً نحو الدولة المدنية الحديثة وصار على النخب الشابة والقيادات الناشطة والعقول الفطنة أن تقود المجتمع لاجتيازه وتجاوزه بعقل نقدي لا يساوم أو يهادن, وبروح وثًابة نحو أحلام الأمة.
لو تساءل الواحد منا عن شكل وماهية الدولة التي نريد العيش في ظلها لأدرك بشكل جيد حجم المسئولية الملقاة على عاتق كل واحد منا..
نريد دولة تحفظ للمواطن حقوقه المختلفة وتوجب عليه واجباته إتجاه وطنه, نريد دولة تحكمها المؤسسات يكون المجتمع المدني فيها قادراً على أن يساهم بشكل يومي في تعزيز وحماية وتحسين حقوق المواطن في كل رقعة يوجد عليها هذا المواطن, نريد من المنظمات الغير الحكوميةوالنقابات والنوادي والمدونين والجمعيات الخيرية أن تكون فاعلة, تشارك بشكل أساسي في تحقيق العدالة والمساواة, نريد دولة نشعر فيها بعزة الانتماء إليها تشارك مشاركة حقيقية في جميع شؤونها على مختلف المستويات و...إلخ
ما أريده أيضاً أن ننسى الماضي بكل مساوئه ومآسيه ونفكر في المستقبل الذي ننشده, نتخيله نكتب عنه نسير نحوه بخطى ثابتة, فكل واحد منا يحمل على عاتقه رسالة مقدسة اتجاه نفسه ووطنه والأجيال التي سنسلمها نفس الرسالة لتزيد عمل ذلك الإرث كل ما هو في صالح أجيال ستأتي أيضاً. لا شك بأننا نحمل اليوم إرثاً ثقيلاً وكبيراً جداً يحتاج منا إلى عمل دءوب وجهد استثنائي نؤسس من خلاله للدولة التي نريد والمستقبل الذي ننشده والحياة التي نرغب بها حياة كريمة ينال فيها المواطن حقوقه كاملة في ظل دولة تحكمها المؤسسات التي ينتخبها المجتمع, دولة سمتها الأبرز ديمقراطية حقيقية تلتئم فيها كل التوجهات السياسية المختلفة, للارتقاء الدائم بالمجتمع وتحسين ظروفه المعيشة فيه..
مجاهد الصيادي
الدولة المدنية 1177