إن الطبيعة الإنسانية ميالة بطبعها وفطرتها إلى الحوار أو الجدال كما يطلق عليه أحياناً، فقد ورد في القرآن الكريم على هذه التسمية قال تعالى (وكان الإنسان أكثر شيء جدلا).. بل إن صفة الحوار أو الجدل لدى الإنسان في نظر الإسلام تمتد حتى إلى ما بعد الموت وإلى يوم الحساب، كما يخبرنا القرآن الكريم في قوله تعالى (يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها) وعلى من يريد المشاركة في أي حوار أن يكون على دراية تامة بأصول الحوار المتبعة حتى يكتب له النجاح.
ومن خلال التوطئة السابقة يمكننا ان نتساءل عن ما هو الدور الذي يمكن ان يلعبه الحوار في حياتنا؟.. إن الحوار مهم جداً لتحقيق التقارب والتجانس بين الأفكار وهو مهم، لأن الإنسان مهما بلغ من العلم فهو في حاجة إلى أن يستنير برأي غيره، هذا في جانب الأفكار، فكيف عندما يكون الحوار من أجل بناء الاوطان!!.. والحوار بهذا الشكل يؤدي إلى اكتشاف الحق وتقليل الهوة بين المتخالفين ويرسم سياسة التعاون بين المتحاورين وبين المؤسسات ويقلل من الهوة ويقرب المسافات.
إن الحوار ضرورة إنسانية وهو تفاعل مشترك بين المرسل والمستقبل وفيه تبادل أدوار، فتارة يكون المرسل هو المستقبل وتارة العكس والهدف في الأخير هو الوصول والتوافق حول القضية أو الموضوع المتحاور عليه، إذ الحوار الإيجابي والموضوعي هو الذي يرى الايجابيات والسلبيات في ذات الوقت ويرى العقبات ويرى أيضاً إمكانيات التغلب عليها وهو حوار صادق عميق واضح الكلمات ومدلولاتها وهو متكافئ يعطي لكلا الطرفين فرصة التعبير والإبداع الحقيقي ويحترم الرأي الآخر ويعرف حتمية الخلاف في الرأي بين البشر وآدابه.
إن على المتحاورين البعد تماماً عن حوار الطريق المسدود، لأن هذا النوع من الحوار مضيعة للوقت ويؤدي إلى مزيد التعصب والفرقة وينم عن ضعف حجج المتحاورين وبالتالي فهم يدفعون دفة الحوار إلى هذا الطريق المغلق، أو قد يؤدي إلى سطحية الحوار، فبدلاً من أن يتناول القضايا الجوهرية يتحول التسطيح عندما تكون الحجة ضعيفة عند طرف معين، فيلجأ إلى الهروب بهذا الأسلوب واحياناً قد يلجأ إلى الحوار التعجيزي كطريقة لسد الباب أمام الحوار الجاد والمنطقي وعدم القبول بالحل.
إننا نعول على الحوار البناء أن يبقي البلد متلاحماً ومترابطاً وأن يأتي كل فرد من أعضاء مؤتمر الحوار وعنده الشعور بالمسؤولية عن نجاح الحوار إن كان يحب وطنه، وكلنا ثقة أن اليمانيين هم اهل الحوار منذ القدم وأن المتحاورين لن يخيبوا آمال شعبهم وأمتهم.
محمد حسين زبارة
لماذا الحوار............. 2223