sraeed@gmail.com
ليس ثمة شك ان الوصول الى قناعات الناس ليس امراً سهلاً, لكنه ضروري ومهم لإحداث التغيير والتطوير والتحسين، ولان صعوبة التغير تكمن في تقبل متضمنات هذا التغير ومتطلباته فان القناعة تلعب دوراً بالغ الاهمية لإنجاح عملية التغيير, كونها تسهم ليس فقط في التقبل وإنما في المشاركة ايضاً في صناعة التغيير، وعندما تصبح القضية المطروحة محلاً لحوار موسع يشمل كافة الشرائح في المجتمع، فهذا يعني ان درجة الطرح وأهمية القضية في مستوى عال، وان ذلك كان مدعاة لشمول الجميع بالراي والحوار، والهدف النهائي ليس الاتفاق الكلي على كل شيء، وإنما الاتفاق النسبي على الاهمية ومجمل الفكرة وضرورتها.
وللحوار دور رئيسي في عملية الاتفاق وتصيح الأفكار الخاطئة وتبني أفكار صحيحة موضوعية بدون تحيز ذاتي بعيد عن الحق والحوار الصادق يؤدي إلى الإفصاح عن كل ما يدور في الذهن بصدد الموضوع المتحاوّر، وهذا الحوار ينبه الإنسان لما يفضله الآخر وما ينبذه وهذا الحوار يؤدي في نهايته إذا كان صادقاً وموضوعياً إلى حل جميع القضايا بشكل عادل والحوار الوطني هو الأساس في أي لحمة ووحدة وطنية لأن الحوار الوطني الموضوعي يؤدي في نهايته إلى آلية اتفاق معينة بصدد قضايا معينة والاتفاق يؤدي إلى التفاهم والتفهّم للطرف الآخر ماله وما عليه وبموجب التفاهم تخلق وتتعزز الوحدة الوطنية..
فبعد ان زلزل الربيع العربي الارض وزلزل بعض العروش وهزهز بعضها الآخر وفرض نفسه بقوة؛ فإن الحوار لم يعد اختياراً, بل أصبح خياراً وحيداً للخروج من عنق الزجاجة قبل انفجارها وتناثر شظاياها.. اصبح الحوار اهم مخرج لمن يرغب بالاستمرار والابتعاد عن المواجهة التي وبلا شك محسومة في النهاية لدعاة الفوضى, حيث انه الفيصل بين من يجذب ومن يشد ومن يتوسط ومن يتشدد.
ما يقوم به الاعلام المرئي والمسموع والصحف الالكترونية والورقية وفي اليمن بالذات عبارة عن حوار متسع شامل جامع لكافة مناحي الحياة، فما من احد منا عالماً او نصف عالم, جاهلاً حتى او مثقف إلا ويستطيع وبعد جلوس ساعة واحدة فقط لمطالعة الاخبار التي تخص وطننا أن يستخلص ما يريده الناس وما تريده الطبقة المثقفة إن جاز التعبير, فما تكاد تجلس في عزاء او فرح او تقرأ خبراً إلا وستجد نقاط الحوار واضحة, بل ونستطيع حصرها بالفساد وتعديل التشريعات والتنمية الادارية والشفافية والمساءلة والمحاسبة ويدخل في ذلك اجابة على عدة أسئلة, أولها: من أين لك هذا؟ ومن جاء به ولماذا؟ وكيف جاء؟ ومتى ذهب؟ ومن يُلمع ومن يُسود؟ وكيف نخرج باقل الخسائر؟ ولماذا فلان اصبح فاسداً؟ ولماذا فلان يملك قصراً مع ان مجموع دخله لا يحقق له السكن في شقة في منطقة شعبية؟ ومن نهب وسلب حق هذا المواطن؟.. اذاً الاسئلة معروفة ولكن الاجابة ليست محددة مع ان بعضها معروف.
وطالما ان نقاط الحوار معروفة للجميع ويستطيع الكل تحديدها او تحديد اغلبها, فلماذا لا نجلس من اجل هذا الوطن ومن اجل هذه الاتهامات ومن اجل ان نوضح معنى الفساد ومن هو الوطني والمُعرقَل ولمصلحة من تستمر الازمة التي اصبحت حديث الناس في البيت والشارع، واصبح كل شخص يستل قلمه ويكتب ما بدى له سواء كان الهدف اظهار الحقيقة او تصفية الحسابات, فقد تجاوزت بعض الكتابات كل السقوف وهذه الكتابات تشكل الانطباع العام وتبني التصور عن الحكم, فهي ليست كما يقول البعض (كلام فارغ) او لا تأثير له, بل الحقيقة ان لها كل التأثير ومن يتجاهلها عليه ان يصحو من سباته وان يخرج من بطن الحوت.
الحوار هو الحل على ان نعي ابعاده وأهدافه وأن نضع معايير تضبطه لا أن تربطه، علماً بأنه لا حاجة لنا بمتكلم بارع لنصفق له, بل بحاجة لمن يحمل في طرحه همنا.
ارضية الحوار تكمن في اشاعة اجواء من الاحترام المتبادل نبتعد فيها عن اللوم والتشكيك, لان الحوار لا غالب فيه ولا مغلوب, فالكل فيه منتصر, على ان الاحترام لا يعني الموافقة على طرح الاخر, بل هو حضارة وسلوك لينجح الحوار..
علينا نحن اليمنيون ان نضع يداً بيد لإنجاح هذا الحوار الوطني، ولا نسمح لأي مستهزئ او متخاذل ان يشكك بهذا الحوار ولنعيد لوطننا الغالي امنه وهيبته.
رائد محمد سيف
الحوار الوطني هو الحل 1533