انجاح مؤتمر الحوار الوطني مسئولية كل اليمنين وليس فقط اعضاء المؤتمر.. كلام جميل, لكن السؤال الذي يدور في مخيلتي ومعي الكثير من ابناء الوطن هو: لو سعى كل مواطن يمني لإنجاح الحوار ولم تتوفر النوايا الصادقة لدى المتحاورين والجهات التي يمثلونها, هل سينجح هذا المؤتمر؟.. وهنالك سؤال اخر: لو سعى كل ابناء الوطن لإنجاح مؤتمر الحوار ولم تتوفر النوايا الصادقة لدى القوى الخارجية اللاعبة على الساحة اليمنية اليوم, هل سينجح الحوار؟.. وهنالك سؤال ثالث ووارد وهو: لو سعى كل شخص يمني لإنجاح المؤتمر ولم تتوفر النوايا الصادقة لذلك من قبل الجهات الراعية والممولة لهذا المؤتمر, هل سينجح مؤتمر الحوار؟.. طبعاً كل اجابات الاسئلة السابقة (لا), وقد ربما يخالفني احد الرأي ويقول انه ممكن ان ينجح مؤتمر الحوار حتى وان لم تتوفر النوايا الصادقة لدى الرعاة وكذلك اللاعبين ما دام النوايا الوطنية المخلصة متوفرة لدى اعضاء المؤتمر انفسهم, خاصة وانهم قد اقسموا اليمين في اولى جلسات المؤتمر, وهذا ممكن لكن بشرط ان يكونوا كافة اعضاء المؤتمر مستقلين لا ينتمون الى اي حزب ولا يمثلون اي جهة!!, وكذا كان مصدر تمويل المؤتمر محلياً وليس خارجياً ما دام بدل الجلسات فيه مغرياً للغاية.. ومن هنا اقولها وبكل صراحة: ان الشطحات والهروب من الواقع الذي نعيشه اليوم, والتي ظل يتعامل بها النظام السابق خلال الثلاثين السنة الماضية, ذلك السلوك هو ما اوصلنا الى ما نحن عليه اليوم, لماذا لا نكون اكثر واقعية ونتخلى ولو لساعات عن الحزبية والعصبية والولاءات الخارجية المفضوحة؟ لماذا لا نشخص المشكلة برؤى وطنية صادقة ومستقلة حتى نكشف الداء الحقيقي ونجد له الدواء النافع والمجدي من اجل مستقبل وطننا وابناءنا؟.. فأنت اليوم اشتراكي وذلك مؤتمري وثالث اصلاحي ورابع حوثي وحراكي وهكذا, كيف يضمن احد منكم ان يأتي ابنه ويرثه الحزبية؟ لماذا لا يكون ابن المؤتمري اصلاحياً وابن الحراكي حوثياً وهكذا ليس ببعيد؟.. كيف يمكن ان ينسجم المتحاورون على طاولة الحوار ويناقشوا قضايا عويصة يمر بها الوطن وهم للأسف كل فرد يتناقض مع الاخر في الرؤى والافكار وكل قد جاء متشنجاً وتم اختياره بعناية فائقة من قبل الكبار في تلك التكوينات؟.. حتى الذين قلنا انهم يمكن ان يحدثوا توازناً داخل القاعة ويرجحوا قاعة الميزان للرأي الصحيح مثل ممثلي حصة الشباب والرئيس والمرأة, للأسف نجد ان طريقة اختيارهم لم تكن موفقة وطغت عليها معايير الصداقة والمحسوبية وغيرها..
ثم تعالوا نلقي نظرة على اولئك القاعدين على طاولة الحوار, مؤتمري على حوثي على مشترك, اليسوا هؤلاء هم سبب كل المشاكل التي مرت بها البلاد؟.. حتى الاشخاص انفسهم, فهنالك من كان يريد قلع العداد وتسبب بخروج الشباب والجماهير الى الشارع وهنالك من اعلن نفسه اماماً علينا واراد القضاء على النظام الجمهوري وتسبب بإشعال ستة حروب.. وهنالك من قتل المعتصمين والمتظاهرين السلميين, هنالك من يقول ان ما مرت به البلاد خلال العامين الماضين ثورة وهنالك من يخالفه الرأي ويصنفها بالأزمة وهكذا.
ومن خلال ما سبق نصل الى نتيجة واحدة, هي انه ما دام هؤلاء مختلفين من قبل ما يدخلوا مؤتمر الحوار , وكل طرف يريد ان يفرض رأيه وفكرته, فمن الذي سيوقف بينهم ويفرض رأيه على الجميع غير الجهات الراعية والداعمة لهذا المؤتمر, باعتبارها الطرف الاقوى والمحايد والمقبول من الجميع وهذا بيت القصيد.
وعلى ضوء ما سبق فإن القوى السياسية وغيرها المتصارعة داخل البلاد والتي تعودت دائماً على التقاسم والمحاصصة في كل شيء ومنذ زمن طويل, مثل تقاسم الوزارات ومقاعد مجلس النواب وعضوية اللجنة العليا للانتخابات وغيرها للأسف الشديد, قد وقعت تلك القوى في خطأ فادح حين تعاملت مع مؤتمر الحوار بمبدأ التقاسم الذي تعودت عليه, لتسمح بذلك لقوى اخرى بفرض اجندتها وسياساتها واهدافها على مستقبل الوطن والمواطن على حد سواء.
عبدالوارث النجري
في مؤتمر الحوار.. الرأي للأقوى 1414