المناسبات التي بات يحيها الزعيم صالح بعد الإطاحة به لا تعد ولا تحصى وهي تبعث على الشفقة والسخرية في آن واحد والمضحك أن يحتفل بعيد ميلاده أكثر من مرة خلال العام. الخميس الماضي أطفأ الزعيم الشمعة الخامسة والسبعين وسط لفيف من شبيحته ومرتزقته وبقايا نظامه في مظهر سخيف ومخجل كان يوجه الابتسامات المتكلفة والمصطنعة تجاه عدسات التصوير وهو يستجدي المدح والإطراء وترتفع لديه المعنويات كلما انحنى أحد المهرجين يقبل يديه أو يسلمه بوكيه ورد.. عدد قليل من حملة المباخر حظر المناسبة هذه المرة، لعل أبرزهم شيخ مجلس الشورى الذي لم يسيء بوقوفه إلى جانب زعيمه صالح يستقبل الورد ويقلده عقود الفل لتعز وحدها، بل أساء لليمن كلها وأساء للمنصب الذي يشغله ولكل الشهداء الذين سقطوا وهم يدافعون عن كرامة المواطن التي داستها بيادة صالح وأنتعلها على مدى 33 من حكمه.
النقطة الثانية انشغال وزير الخارجية القربي بمناسبات الزعيم، كان الأحرى به أن يشغل نفسه بهموم وزارته الغارقة بالفساد وأن يلتزم بالأعراف الدبلوماسية وأن يعي أنه لم يعد يمثل صالح بقدر ما يمثل 25 مليون يمني معظمهم خرج بثورة شعبية أطاحت بنظام صالح وأزاحت عائلته من هرم السلطة.
وعلى كل حال وكما يقول المثل فإن قطع العادة عدواة، لا سيما أن كان الشخص واقع تحت عادة الإطراء والنفاق والأضواء لما يقارب ثلثي قرن من الزمن وكما قال عادل إمام في مسرحية شاهد ما شفش حاجة (أصلها متعوووودة) وهذا ما ينطبق على الحالة التي يعيشها الرئيس السابق وهي حالة نفسية سيئة تبعث على الشفقة، فالزعيم كما تسميه زمرته واقع اليوم تحت تأثير الصدمة وبالتالي يتصرف وكأنه ما يزال ممسكاً بمقود السلطة، ولذا لا تفوته شاردة أو واردة من مناسبات سواء كانت دينية أو وطنية أو اجتماعية كالزواج أو الختان وحتى الطلاق إلا ويبعث ببرقياته ويقيم المهرجانات والفعاليات بسبب أو بدون سبب وهذا ما يكشف عن تدهور وضعه النفسي بعدما تسربت معلومات أن الأطباء نصحوا أقاربه بتركه يمارس طقوسه اليومية وكأنه ما يزال رئيساً للبلاد خشية تفاقم وضعه الصحي والنفسي ولذلك لا غرابة أن نجده يستغل كل المناسبات بما فيها المناسبات الثورية التي يقيمها شباب الثورة في الساحات والميادين بهدف لفت نظر الرأي العام بأنه ما يزال حاضراً في المشهد السياسي، فإذا استقبل الرئيس هادي وفداً خارجياً تجد صالح في نفس اليوم يستقبل وفداً من قبيلة سنحان وإذا اجتمع هادي باللجنة الفنية للحوار الوطني سارع صالح للالتقاء بجماعة الفيسبوك المناصرة له.. وعندما عقد مجلس الأمن الدولي جلسة له في صنعاء دعماً للرئيس هادي، دعا صالح أنصاره لعقد جلسة طارئة في جامع الصالح.. وعندما لم يجد مناسبة يجاري بها الجلسة الافتتاحية لمؤتمر الحوار الوطني التي عقدت مطلع الأسبوع الفارط لم يجد سوى عادل الشجاع وزعفران المهنا ومن على شاكلتهم من حملة المباخر ممن ادعى أنهم سقطوا من قائمة مؤتمر الحوار الوطني وكأنه كان يعول أن يكونوا ضمن قائمة الرئيس هادي.. أما آخر تقليعات صالح، فهي استغلاله لمناسبة الذكرى الثانية لتأييد الجيش الوطني للثورة الشعبية بقيادة القائد الحر علي محسن التي تصادف الحادي والعشرين من مارس وتقليد اللواء درع الثورة من قبل شباب الثورة، حيث دعا أنصاره للاحتشاد في منزله بغرض الاحتفاء بعيد ميلاده أو ما يسميه بيوم الوفاء، رغم أنه احتفل بعيد ميلاده خلال العام الماضي في شهر يونيو وليس مارس.
أخيراً نقول لكل من لا يزال يراهن على صالح بمستقبل سياسي: هذا الشخص فقد عقله ومكانه الطبيعي السجن أو المصحة النفسية، فادعوا لأنفسكم بحسن الخاتمة وجنبوا أنفسكم المصير المشابه ولا تستفزوا الشعب بوجوهكم الكالحة الباهتة أمام عدسات التلفزة إلى جانب الرئيس السابق بتصرفاتكم البلهاء, والحليم تكفيه الإشارة.
عبدالعليم الحاج
سنة حلوة يا زعيم 1521