;
محمود الحمزي
محمود الحمزي

الذكرى الثانية لمجزرة جمعة الكرامة 1656

2013-03-18 13:18:15


جمعة الكرامة 2011م والمجزرة الدموية البشعة والتي ارتكبت آنذاك، كانت ولازالت اليوم المفصلي والتاريخي في مسار الثورة اليمنية الخالدة، ولقد شكل ذلك اليوم بكل تفاصيله وأحداثه الدامية علامة فارقة وكبرى في حياة شباب الثورة الأبرار الذين خرجوا ينشدون الحرية ويهتفون للحلم الجميل المطرز بسلمية النهج والمسار والذي قوبل بكل عنف وقوة منذ أنطلق حلماً بريئاً ومستحقاً في الحادي عشر من فبراير 2011م بعد أن تيقن الشباب وكل القوى السياسية والوطنية أن ثورتي سبتمبر وأكتوبر أفرغتا من محتواهما وضاعت بوصلة أهداف تلك الثورة، فكان الحلم والأمل بشباب فبراير مرسوماً على محيا شباب عزل خرجوا ليفدوا وطنهم من جنرالات الدم والفساد والاستبداد وأثبتوا للعالم أجمع أن اليمن يستحق ثورة تعيد للشعب اعتباره وكرامته، وأثبتوا كذلك مدى صدقيتهم للفداء لهذا الوطن الذي كاد أن يغرق في الفوضى والولوج للنفق المظلم من خلال صمودهم الأسطوري بسلمية احتجاجاتهم وتقديم أرواحهم رخيصة في سبيل تحقيق الحلم الجميل، فحاول صالح ونظامه أن يسحق الحلم وحامليه منذ خروجهم السلمي في الحادي عشر من فبراير 2011م، حاول بشتى الوسائل والأساليب التي اعتاد عليها طوال ثلاثة عقود ولكن تلك المحاولات لم يكتب لها النجاح واختتم تلك المحاولات بمواجهة شباب الثورة بالقوة المفرطة والجبانة والمعبرة عن افلاسه تجاه أي استجابة لمطالب شباب الثورة وكانت أبشع تلك المجازر الدموية في الـ(18) من مارس من نفس العام الذي انطلقت منه ثورة الشباب وفي ذلك اليوم تجلت دموية النظام الأسري المستبد بأبهى صور القتل البشع والصادر من نفوس لا تعرف للحياة معنى سوى تحقيق أهدافها ورغباتها كاملة غير منقوصة ولو على حساب أمة وشعب بأكمله، يوم جمعة الكرامة كان قاسي ومؤلماً حد الفضاعة...أفصحت تلك المناظر الدموية والتي تابعها الشعب والعالم بأسره عبر شاشات التلفزة صوتاً وصورة لشباب بعمر الورود عن عظمة الحلم لدى شباب جيل فبراير ومدى انحطاط وهوان وذل ودناءة القتلة ومن خطط وأدار تلك المذبحة والمجزرة المؤلمة، فارتفعت أرواح شباب الثورة وسمت وستبقى خالدة فينا وفي الأجيال القادمة وسمت تلك الأرواح والقناديل النيرة عند ربنا عز في علاه، سمت في جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر، وظل الذل والهوان والعار والخزي يلاحق القتلة ولايزال وإن تدثروا برداء الحصانة التي لن ولم تغن عنهم شيئاً، فالقاتل يظل قاتلاً وإن عفي عنه أو ظل فاراً من وجه العدالة، فكيف بمن قتل شباباً عزلاً وفي وضح النهار وأمام أنظار العالم بأسره...حتماً لن يهدأ بال القتلة ومن تلطخوا بدماء شباب الثورة مهما ظنوا أنهم قد نجوا أوفي طريقهم للنجاة ونبي الرحمة والحرية يقول "بشر القاتل بالقتل ولو بعد حين".
يوم جمعة الكرامة كان يوم اختبار حقيقي للضمير الإنساني والوطني والإقليمي والعالمي ولم تترك جمعة الكرامة لأحد من عذر أو مجال للانتظار وقراءة فنجان وبوصلة الأحداث آنذاك، ولعلكم تذكرون حجم السقوط المدوي لنظام صالح بعد تلك المجزرة والتي مرغت صالح أرضاً وعرته وفضحته أمام الملأ، خصوصاً تلك اللحظات التي أعلن فيها مؤتمره الصحفي وكان بجواره وزير داخليته مطهر المصري وراح صالح ووزيره ونظامه يوزعون التهم ويصدرون أحكامهم المسبقة لجيران الساحة بصورة فجة تدعو للاشمئزاز والقرف في آن واحد، إذ كيف يمكن أن تشكل لجنة للتحقيق وتصدر التهم والأحكام المسبقة، وقبل أن تعلن نتائج التحقيق، ولعل هذه الجزئية بعد فضاعة المشهد الدموي عقب صلاة جمعة الكرامة هي من أقنعت رموز النظام آنذاك للتخلي عن صالح ونظامه وإعلانهم الانضمام للثورة الشعبية...فلا زلت أتذكر تفاصيل ذلك اليوم وأحداثه لحظة بلحظة ولعل الكثير من شباب الثورة وأبناء الوطن يشاركونني هذا الشعور وعند استعادة ارشيف ذلك اليوم من الذاكرة لتلك الجريمة وهول الحدث، أتساءل: هل يمكن أن يظل الجناة طلقاء والمذبحة مقيدة ضد مجهول، رغم وضوح الحقيقة كوضوح الشمس في رابعة النهار ونحن ندين بدين الإسلام الذي جعل القصاص هو ما يستحقه القتلة والمجرمون الذين ارتكبوا تلك المذبحة؟ وقد جعل الإسلام القصاص للقتلة حياة، فلا مجال للقتلة أن يتركوا طلقاء ليستمر عبثهم وجرمهم فينا يقتل ماتبقى من أمل، لأن يعيش أبناء الوطن بأمن وسلام، ثم إنني أحدها فرصة مناسبة في مثل هذه الذكرى أن نجدد العهد للمضي قدماً لتحقيق أهداف الثورة وفاء لتلك الدماء التي أزهقت فداء للوطن، فلا خير يرتجى أو أمل يلوح بالأفق إن تراجعنا عن النهج وتحرير الوطن وإن طال بنا الزمن وقست علينا الأيام والسنون...
جمعة الكرامة في ذكراها الثانية ينبغي أن نستغلها للتذكير بما يحتاجه الوطن منا، إذ أن وطننا والأجيال القادمة هي بأمس الحاجة لأن نساهم في نهضة وبناء دولتنا المنشودة، فكل واحد منا على ثغرة من ثغور الوطن ولعل هذه المناسبة أتت في وقت هام واليمن على موعد مع انطلاق مؤتمر الحوار الوطني أحد أبرز مخرجات الثورة الشبابية وأهمها على الإطلاق، ففي نجاح المؤتمر وضع أولى لبنات اليمن المنشود الذي قدم له شباب الثورة خيرة الرفاق والأنفس والأرواح، فرصة كي نساهم بإيجابية فاعلة لإنجاح الحوار والوصول بالجميع، من كان مع أو ضد الثورة، إلى بر الأمان، فالثورة كانت من أجل اليمن واليمنيين جميعاً بلا استثناء..
شهداء الثورة في جمعة الكرامة وغيرها من أيام دامية في مسار ثورتنا قدموا أرواحهم فداء لوطننا، ففي مثل هذه الذكرى والتي تواكبت مع أهم حدث في اليمن الحديث بعد الثورة الشبابية، ألا وهو الحوار الوطني، فعلينا جميعاً أن نضحي بمصالحنا الشخصية والحزبية من أجل الوطن ونحقق حلم الشهداء بالانتصار لوطن يختلف تماماً عن ما قبل ثورة فبراير.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد