على أساس من الديمقراطية وفي ظل التعددية الحزبية تتعدد الاتجاهات وتتنوع الانتماءات وعليه لا يمكن أن يكون الانتماء الحزبي خطأ أو انتقاصاً للوطنية على حساب المجموعة, فالتحزب في الديمقراطيات ينبغي أن يقود للتدافع المحمود الذي يخدم الوطن, فتتنافس الأحزاب وهي تحاول أن تفوز برضا الجماهير من خلال ما تقدمه من برامج وأعمال تحقق أعلى درجات الاستقرار في كافة جوانب الحياة, وفي ظل الوضع السياسي الشائك والذي يتلبسه الاستبداد والفوضى في أحايين كثيرة في العالم العربي فإننا لا نجد بيئة عمل سياسي حقيقي بما يدفع إلى مثل هذا التدافع وكان هذا الأمر من أهم أسباب قيام الثورات العربية, فديكورية الديمقراطية ودكتاتورية الحاكم العربي ولدت احتقانات سياسية نتيجة العبث بالحياة السياسية وتأزيمها بما أربك النظام السياسي بشكل عام, فبدت الانتماءات الحزبية نوعاً من العبث وتشوهت الصورة الحزبية ولم يعد يفرق المرء بين المشاريع الوطنية وغيرها, فقد اختلطت المفاهيم وتغيرت مفاهيم القيم النبيلة.. وبما أن اليمن كان من ضمن دول الربيع العربي الذي انتفض شعبه على حاكمه المستبد محاولاً استعادة الأسس الصحيحة للحكم الرشيد, فإننا لا شك سنواجه صعوبات جمة؛ لأن ما غرسته اليد الآثمة لا يمكن أن يتم اقتلاعه بتلك البساطة التي يتخيلها البعض, فقيام الثورة لا يعني انتهاء العهد القديم.. وبناءً على ذلك التشويه الذي طال المفاهيم والقيم العامة حتى بدت بعض الأخطاء وكأنها ثقافة عامة تسيء إلى الجميع وتتطلب إعادة بناء الثقافة العامة للمجتمع على أسس متينة من المبادئ الرشيدة التي تؤسس لمرحلة تاريخية قادمة ينتصر فيها الجمال ويتوارى الفساد والظلم والعبث المنظم.. من هنا كان من الطبيعي أن تحدث أخطاء ونحن نخرج من هذا المأزق التاريخي, وفي ظل هذا الخروج وبعيداً عن حملات التشويه التي تطال الرموز والأحزاب الوطنية كان لابد من مساندة أي جهد حقيقي ينتشل الوطن من هذه الحالة ويسقط رموز الفساد بغض النظر عن الأشخاص وانتماءاتهم الحزبية مادامت هذه الأحزاب تقوم على أسس وطنية لا تمجد الأشخاص أو السلالة أو تتعارض مع قيم المجتمع الأصيلة ومعتقداته النبيلة , ومهما تعددت الأحزاب واختلفت الرؤى والأفكار تظل هناك قيم رائعة لا نختلف عليها ويمكننا أن نجتمع عليها, فالديمقراطية والحوار ومحاربة الفساد إلخ.. من القيم الفاضلة هي نقاط التقاء نجمع عليها جميعاً.. وعليه سنقف إلى جانب كل جهد وطني مثمر دون اعتبار لانتماء صاحبه السياسي أو غيره, مع الحذر من الدعوات التي تحاول إشعال الحرائق وإرباك مثل هذه الجهود من خلال استغلال الأخطاء وإغفال الجوانب المهمة في مرحلة مهمة من تاريخ اليمن تكتنفها الغموض والكثير من التحديات والصعوبات, مما يجعلنا أمام مهمة رفد الأعمال التصحيحية وعدم تأجيج الصراعات وتصفية حسابات خاصة على حساب الوطن, فالوطن أهم وأغلى.
تغريدة:
مهما فرقتنا الانتماءات الضيقة فهناك مساحة واسعة لالتقاء وطني جميل.
توفيق الخليدي
حزبي وطني......... 1804