في مقال الاسبوع الماضي خلصنا إلى أن بقاء الوحدة اليمنية ضرورة لكل اليمنيين شمالاً وجنوباً.. لكن بشكل جديد يحقق العدل والشراكة الحقيقية ليس فيها ظلم أو إقصاء وتهميش, هذا ما يجب أن يعمل من أجله اليمنيون لاسيما الثوار في الساحات وميادين الحرية والتغيير مستغلين الفرصة التاريخية التي حققتها الثورة الشعبية, لان الوحدة الاندماجية فشلت وبقاءها صار غير ممكن بسب الاستبداد وسلطة الفرد وسياسية الهيمنة الاقصاء والتهميش التي مارسها النظام البائد نظام علي عبد الله صالح بعد انتصاره في حرب صيف 94 الظالمة التي قصت على مشروع اليمنيين في بناء الدولة الديمقراطية الحديثة.
اعتقد ان افضل شكل لحفاظ على الوحدة هي الدولة الفيدرالية متعددة الاقاليم, بحيث تقسم الى عدة اقاليم على اساس جغرافي, ليس على اساس سياسي, هذا من وجهة نظري الشخصية سوف يحل مشكلة الجنوب ومشكلة الشمال, وسينهي سلطة المركز التي هي سبب كل مشاكل اليمن وسيعطي فرضة كبيرة للمحافظات المهمشة بانها ترتقي بنفسها, كما انها ستقضي على الكراهية التي تولدت عن البعض لاسيما في المحافظات الجنوبية بسبب ما تعرضوا من ظلم وتهميش واقصاء في الفترة السابقة وسوف تفوت الفرضة على تجار الازمات الذين جعلوا من معاناة الناس في الجنوب قميص عثمان لتحقيق اغراضهم السياسية الخبيثة..
ما يسمى بالجنوب ودولة الجنوب التي يريد البعض استعادها هو جنوب سياسي ليس جنوباً جغرافياً, لان جنوب اليمن في الجغرافيا هي محافظات تعز واب وعدن ولحج والضالع وبالتالي محافظات حضرموت شبوة والمهرة ليست من الجنوب, بل هي في الشرق, ما يربطها بمحافظات مأرب والجوف اكثر ما يربطها بلحج والضالع, سواء في الروابط الاجتماعية او في العادات والتقاليد.. بالمقابل ما يربط ابناء محافظة تعز بأبناء عدن والحج اكثر بكثير مما يربطهم بأبناء صنعاء وذمار.. هذا حقيقة واضحة وضوح الشمس في كبد السماء مهما حاول السياسيون تجاهلها. قال لي يوماً احد كبار السن, من الذين عاشوا في عدن ايام حرب التحرير: "عدن لم تستغن عن تعز وتعز لا يمكن ان تستغني عن عدن, انهما توأمان لا يمكن الفصل بينهم ".. فهل يعقل ان يكون ابن حضرموت له حق بعدن وهو في اقصى الشرق بينما ابن تعز الذي لا يبعد عنها سوى ساعة واحدة يحرم منها؟, ان هذا من عجائب العجاب.
الذى اريد ان اصل اليه من خلال كل ما سبق ان اكد أننا امام فرضة تاريخية لبناء يمن جديد مستقر ودولة يمنية قوية موحدة مقسمة الى اقاليم على اساس الجغرافيا والتقارب السكاني وليس على اسس سياسية قائمة على الشراكة الحقيقة في السلطة والثروة.
من حق الحراكيين لاسيما تيار فك الارتباط أن يطالبوا باستعادة الدولة بطرق السلمية, لكن ليس دولة الجنوب التي ليس وجود في التاريخ ولا في الجغرافيا.. ولا حتى الفلسفة والمنطق وعلم الاجتماع, انما جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية.. اتمنى من اعماق قلبي ان يرجعوا حساباتهم والا يقفزوا على قواعد التاريخ والجغرافيا.
تيسير السامعى
الفرصة الأخيرة لبناء يمن موحد 1426