الحوار لُغة راقية في التعامل مع الأحداث, بل هو سلوك حضاري وثقافة مدنية تجسدها الأنظمة الديمقراطية ووطننا اليمني تميز بهذا الصفات والسلوكيات السامية منذُ القدم وظلت تلازم مراحل تكوينه عبر التاريخ, فالشورى السبئية والحكمة اليمانية مفاهيم مرادفة لهذه المصطلحات العصــرية, واليمانيون حصراً أهلها.
تجري الاستعدادات بوتيرة متسارعة هذه الأيام في وطننا اليمني الوحدوي لعقد مؤتمر الحوار الوطني وها هو الزمن يطوي الأيام ليترجل الحدث في محطة الـ 18 من مارس الحالي, حيث يكون الحدث فعلاً واقعاً والحضور نوعياً والتمثيل موسوماً بالكيف, حيث قدمت الأحزاب السياسية والمنظمات المدنية والحقوقية قوائم ممثليها إلى مؤتمر الحوار الوطني وبقية هناك حصة الرئيس/ عبدربه منصور هادي والذي هي حسب اعتقادي حصة إيجابية تمثل التوازن وتعوض عن التجاوز والإقصاء لبقية فئات المجتمع التي تم تغييبها نظراً للمحاصصة بين الأطراف السياسية الحاكمة بموجب المبادرة الخليجية والفعل الثوري بنوعيه الحراكي والشبابي..
ومن هذا المنطلق يحق لنا هنا التساؤل: هل سيكون الأخ الرئيس بتلك الرؤية الضيقة التي تقوده إلى توزيع حصته إلى مؤتمر الحوار الوطني عن التوصيات والمداهنة وتلبية الرغبات للشخصيات الحزبية التي سقطت عليها بعض الأسماء الموالية والتي تخدم مصالحها وتوجهاتها الخاصة وتنفذ أجندتها السياسية؟ هل سيؤثر على الأخ الرئيس؟ أم أن الرؤية ستكون عن بُعــد وسينتبه الأخ رئيس الجمهورية في عملية توزيع حصته إلى أهم شريحة في تكوين المجتمع اليمني وهم شريحة المغتــربين والتي تمثل رافداً نوعياً في الفعل وإيجابياً في الحدث؟.. حيث تم إقصاء هذه الشريحة الاجتماعية من قبل كل الأطراف في الداخل حزبية كانت أو منظماتية, علماً بأن شريحة المغتربين ذات حضور في الفعل الثوري والعمل السياسي وحراكه الثقافي والاجتماعي على مستوى الداخل والخارج, بالإضافة إلى أهميتها في التركيب السكاني النوعي وتمتلك من الكوادر المؤهلة والتصنيف المهني ما يؤهلها بكل جدارة واقتدار لتقديم الرؤى الفكرية والسياسية والمشاركة الفاعلة في مؤتمر الحوار الوطني بحكم ملامستها للأنظمة الديمقراطية في بلدان الاغتراب واختزال الكثير من الثقافة القانونية والسلوكيات الحضارية المدنية والأهم من هذا دورها الفاعل في عملية التنمية البشرية والاجتماعية في الداخل الوطني والخارج الاغترابي ورفدها اللامحدود للاقتصاد الوطني وتنمية دخله القومي..
وقبل أن يفوت قطار الحوار الوطني تاركاً على محطة الإقصاء أهم شريحة اجتماعية في التكوين الاجتماعي اليمني نتوجه هنا بالدعوة إلى الأخ رئيس الجمهورية بأن يعمل على إيقاف القطار برهة كي يصعد على سفينة الحوار ممثلو المغتربين ويلتزم الجميع مقاعدهم على سفينة اليمن كي لا يتم خرقها من قبل من يأخذون كل سلطة حكراً .. بل إننا هنا نهيب بالأخ الرئيس أن تكون حصته هي القارب الذي يمتطي صهوته المغتربون اليمنيون ليصعدوا إلى سفينة الحوار الوطني والمشاركة في صناعة مستقبل الوطن وإننا لواثقون بأن الرُبان جدير بقيادة السفينة وحريصاً على عبورها إلى شاطئ المشاركة الجماعية وإنه كرُبان لن يقبل بالإقصاء ولن يسلم بالمداهنات والتوصيات ممن ينطبق عليهم قوله تعالى" هل امتلأتي فتقول هل من مزيد "..
وهنا نؤكد بأن كل الأحزاب والمنظمات والفعاليات المختلفة قد أخذت حصتها للتمثيل في مؤتمر الحوار الوطني وإن كان هناك تفاوت في التمثيل كماً ونوعاً إلا أن الحضور موجود ولم يغِب عنه سوى شريحة المغتربين.. ومع هذا نود التنويه بأنه قد يكون هناك أسماء مغتربون بصفات رجعية
كاللجوء السياسي والعمل التعاقدي مع السلك الدبلوماسي أو شخصيات يتم التوصية عليها من قبل بعض النافذين في الداخل نظراً للعلاقة الشخصية أو الموالاة الحزبية التي لا تخدم المشروع الوطني بقدر ما هي تعبير عن رد الجميل ومنحة مالية للكسب الفردي بعيداً عن الهدف السامي والحس الوطني في ماهية التمثيل, وهذا بحد ذاته سيكون تكريساً للفعل الانتقائي والسلوك الجهوي التقليدي علماً بأن التصنيفات السالفة الذكر لا تنتمي إلى شريحة المغتربين بمفهوم التصنيف العام, مازال الأمل يحدو المغتربين بعدم تجاوزهم في مثل هكذا حدث وطني, فكيف ستوزع حصة هادي؟.. هذا ما ننتظره وكلنا ثقة بربان السفينة أن حصته ستكون في المحك وعليها يعقد المغتربون اليمنيون ما تبقى من أمل بعد أن تجاوزتهم كل القوى السياسية التي لا تنتبه إليهم إلا في مواسم الانتخابات وصيف الأحداث..
الأخ الرئيس كيف ستوزع حصتك على مؤتمر الحوار الوطني؟ هل ستكون عبر الهاتف؟ أم من خلال المستشارين الحزبيين؟ أم أولي القربى أولى بالمعروف؟.. ليس هنالك من يتامى, أو عابري سبيل!, الكل ممثل ولم يبق سوى المغتــربين.. إذاً مازال الأمل أيها المغتربون في كيف ستوزع حصة هادي, وإن يوم الـ 18 من مارس لقريب.
علي السورقي – شيفيلد المملكة المتحدة
كيف ستوزع حصة الرئيس؟ 1847