مبادرة وحوار نصف الحل ودماء سالت وأريقت كانت كل الحل وبقيته, الشباب هم الحاضر والمستقبل ومن كانوا نواة التغيير يوم بدأنا هم من سيكمل المشوار ليجد للبلاد بقية من النصف الذي أوجد وترك دون ترميم, تتكاثر الهمهمات والشكاوي من الحوار الذي يحاول أن ينتزع مكانه من على التقويم عبر احتلال ذكرى جمعة الكرامة التي شكلت نقطة مفصلية في تاريخ اليمن المعاصر وإرادة من حوار أن يكون فاصلة نبدأ بعدها المستقبل.. المستقبل الذي أبي أن لايأتي إلا بعد تضحيات وتنازلات قدمت وامل يكبر يوم بعد يوم وواقع يضيق بالناس في كل متغير, بعضهم فقد الأمل وبعضهم مستمر الي نهاية النص لينظر هل تكون نقطة ومن بداية السطر أو فاصله ونبدأ بعدها اكمال الحديث الذي يـمت ؟؟ مبادرة أوجدت حلولاً لأطراف عدة لكنها كمن يعالج الأعراض الجانبية و لا يعالج السبب الرئيسي في اوساط بلد ينتظر جراح سياسياً قادراً على تشخيص ماهي العلة التي يعاني منها واقع اليمن ويستطيع أن يأتي بالوصفة التي تحقق الشفاء ويستأصل المضغة المسببة لهذا كله, وعى الشباب بما يجري فهل يتخذون الخطوة الجبارة لإتمام نجواهم ليصلحوا حال ما اعوج باتكاء العجزة والكهلة السياسيين عليهم وليبنوا ما أفسد الحكام في أعوام بطيش السلطة وسخف البطش السحيق.
هل يكون حاورنا دامياً كما كانت جمعة الكرامة؟ ويأتي بناء على نتائج ومخرجات مسبقة تثبث فشلها في الأخير؟ لكي نتجنب هذا علينا ان نكون الدفة الموجهة للرأي العام في الشارع وبناء مبادرة وطنية موازية تغطي كل النواقص والعيوب التي وجدت بسبب التغاضي عنها في المبادرة الخليجية التي لن تحقق مطالبنا كلها فهي نصف حل ولكن نصف الحل هذا قد يكون هو الطريق إلى المستقبل الذي تتحقق فيه مطالبنا التي خرجت من أجلها الثورة . ليس مهماً كم أو العدد للتمثيل المهم هو كيفية التأثير والمشاركة الفاعلة سواء من داخل كواليس الحوار أو من على أرصفة الشارع بجوار الناس عبر مشروع وطني يغطي كل الثغرات الموجودة حالياً برؤية شبابية مستقلة قادرة على إيجاد مخرج ربما يكون البديل في الوقت الراهن, حيث لايوجد أي مشروع بديل للمبادرة.
بدأ العد التنازلي للحوار الوطني المزمع عقده, تزامناً مع ذكرى جمعة الكرامة التي كانت نقطة فارقة في مسيرة الثورة اليمنية عندما أراد صالح أن يركع الثورة بالدماء ولكن تلك الدماء أركعته وقامت بعكس أثر الترهيب إلى إيمان مطلق بوجوب الاستمرار في مواجهة نظام صالح الدموي والعمل على إسقاط شرعيته بعدما سقطت مشروعيته بسقوط الدماء.
يجد القراء على صفحات الجرائد والمواقع الالكترونية نزول قوائم بأسماء الاعضاء الذين تم اختيارهم للحوار من قبل جهاتهم وأحزابهم إلا قائمة الشباب المستقل للحوار , و انا اناظر هذه القوائم تذكرت قوائم الشهداء التي كانت تطل علينا في مثل هذه الأيام وهي تحمل أسباباً دعتنا إلى الثورة والتغيير ضد هذا النظام القاتل الذي لم يتوانى ولو للحظة عن هذه الدماء أو يفكر في مغبة ما يفعل ظناً واعتقاداً منه أن ترهيب الشعب سيردعه عن الخروج ومواجهته , وحاول الاغتسال بها ليظهر مدى قوته وجبروته على المواطن الأعزل دون أن يتذكر كم كان ذليلاً في مواجهة السلاح , لكن الدماء تأتي بما لا يشتهي القتلة فقد جلبت اصرار شعب وعزيمة ثوار على تحقيق المطالب التي خرجت من اجلها الدماء.
أتت المبادرة الخليجية كمهرب لعلي صالح من الثورة بعدما توسلها من الخارج كي تنقذه من المد الثوري القادم اليه والذي حاول صالح اجتراره الى أتون الصراع المسلح والعنف الذي كان يتمناه كي يمتلك مشروعية القتل الغير مبرر في مواجهة ما كان يتوهم من أول يوم أعتصم الشباب فيه باسم الجماعات المسلحة والإرهاب والمتطرفين, قد تكون أتت المبادرة كنصف حل وكمهرب من الصراع المسلح وإن لم يتفق الكثيرون معي في هذا ,فبحكم الواقع اليمني المثخن بالسلاح فكان من المتوقع ان يتجه الناس إلى السلاح لإسقاط ذلك النظام المتعنت الذي بنى شرعيته على مدى عقود على إنقاض من أشلاء ودماء الآخرين ليظنها في الأخير مشروعية التي يحكم بها..
الحوار كمبدأ إنساني مقبول, لكن كمبدأ انتهازي لإعادة التقاسم والتموضع مرفوض, يتوجب على كل الأحزاب والأطياف السياسية والشبابية المستقلة بتنوعها واختلافها ممن تؤمن بالتغيير وبمستقبل أفضل ان تتصدى لكل المحاولات التي تحاول جرنا الى الماضي بشكله المختلف والذي يريدون ان يجملوه ويحسنوا مظهر.. على انه جنة كجنة المسيخ الدجال, وعلى الشباب خارج الحوار ايضاً الوقوف بقوة مع بناء المستقبل الذي نريد وليس الذي يريدونه صناع الحروب ومختلقي الأزمات من كهول السياسة الذين اصبحوا ملغمين بأفكار وثقافة الماضي البغيض الذي كاد ان يلتهم كل شيء بما فيه الحرث والنسل لإشباع رغبات أفراد وطواغيت. علينا ان نكون الفعل وان لا نبقى ردة فعل تتذمر من كل شيء في مقالات وبوستات رقيمة لا تغني عن واقع ولا توقف من تدمير, فالخوف يملأ المكان من ان يخرج الناس مباسلين بأنفسهم لتحقيق مطالبهم حتى ولو كان هذا من واقع غريزة البقاء التي تستفز بمجرد ان تسحق طموحات الناس وآمالهم ومصالحهم لأجله ثلة تبتغي الحكم, لننتهي الى واقع دموي ملطخ بالعار السياسي المهترئ, خذل الناس وخذل نفسه فاجترهم الى مربع تصفية الكل دون استثناء بعد ان امتلكنا نصف حل يغنيا عن التوهان في مستقبل لا مراسم أو حدود له أراد صالح أن يوقعنا فيه.
م/ علي الكمالي
المستقبل بين فاصلة الكرامة ونقطة الحوار 1399