أعلن تضامني الكامل مع المبعوث الدولي جمال بن عمر وهو يتعرض لأكبر عملية تتويه ومماطلة من قبل القادة الجنوبيين في الخارج والداخل معاً.. الرجل حلحل ملفات كبيرة وشائكة وملغومة، أجبر الرئيس السابق/علي عبدالله صالح ليوقع على مغادرة كرسي الرئاسة، وأقنع أحزاباً وساحات فيها الملايين, وأضعاف أضعاف من (مليونيات) الحراك, بالحل السياسي والمبادرة التي جاءت بالتقاسم.. تمكن من السيطرة على حروب طاحنة في الحصبة ونهم وتعز.. تفاهم مع رجال القبائل والمسلحين وأخضع قادة ألوية كبار للتغيير..
انطلقت هيكلة الجيش والأمن وتسري العملية على عشرات الألوية المدججة بالسلاح (حرس وفرقة وأمن مركزي ).. وأنهى المتاريس وأذعن أحمد علي ويحيى وعمار ومحمد صالح الأحمر وهلم جرا.. هناك عثرات ومقاومة للتغير، لكن العجلة تدور والأوضاع تمضي من مرحلة لأخرى.
مشكلة جمال بن عمر تبرز جنوباً، حيث تبدو مساعيه المضنية في البحث عن (كلمة رجال) من قيادات المفروض بها أن تكون (مخضرمة) ومجربة وفاهمة وواعية وقد عركتها السياسة في محطات زمنية طويلة، لكنها تمارس التتويه واللعب بالوقت والجهد والمال وحتى المنطق برأي المراقبين..
هذا السلوك الغير مقبول جعل جمال بن عمر يصرخ مرات عديدة في وجوههم لعلهم يفقهون: لقد عانى الجنوب في السابق وعلى الجميع تحمل المسؤولية للوصول إلى الحل.. نحن في الأمم المتحدة مع الحوار ولا ندعو لأي خيار.. مجلس الأمن الدولي يحذر من مغبة الأعمال التي تهدف إلى تقويض العملية السياسية في اليمن، ونحن نأمل أن يتعاون جميع الفرقاء السياسيين.
وباستثناء كلمة علي ناصر الواضحة فإن جميع القادة في اللقاء كشفوا كم هم خائبون ولا يملكون جديداً يستحق التوقف، أو غارقون في الماضي وتفاصيل وجزئيات..
لكن المبعوث الدولي الذي صبر على (دلعهم) كثيراً ولاحقهم من عاصمة إلى أخرى، اكتفى هذه المرة في دبي أن انتزع منهم اعترافاً صريحاً وقعوا عليه وبالنص قالوا: (نعلن جميعنا التزامنا بنبذ العنف وبذل كامل جهودنا للحيلولة دون حدوث أية أعمال عنف، اتفقنا على أن حل القضية الجنوبية يجب أن يكون عبر الحوار فقط وأنه ليس هنالك من بديل عن الحوار لتسوية هذه القضية سلمياً).
هذا الخط العريض (التأكيد على الحوار ونبذ العنف) واصطفاف القادة الجنوبيين في دبي خلفه، كاف بالنسبة للمجتمع الدولي، ولا يريد من هؤلاء أكثر من ذلك..
وحتى لو اعتبرنا علي سالم البيض خارج الإجماع والاجتماع، وهو صاحب الصوت العالي في الجنوب، لكن المجتمع الدولي قد حشره في زاوية ضيقة من خلال حلفائه الذين حضروا دبي وبيانهم الذي سيكون هراوة أخرى أمام أي طياشات وحماقات قد يقدم عليها في الأيام القادمة.
وبالحصيلة, فقد انتزع جمال بن عمر ورقة جنوبية مهمة من قادة معتبرين وجعلهم في خندق جديد يلتزم بالحوار فقط، ويتحولون لجنود مخلصين للحيلولة دون حدوث أية أعمال عنف، وسواء حضروا جلسات المؤتمر أم لم يحضروا، فالأمر سيان، ليذهبوا هم جميعاً وليرعوا مصالحهم الخاصة وللجنوب رب يحميه ويحرسه ويتولاه.
عبدالرقيب الهدياني
بن عمر وترويض قادة الجنوب 1693