حال بلادنا الآن لا يسر عدواً لا حبيباً، مظاهرات واعتصامات ومسيرات مستمرة في أكثر من مكان.. أصبح توجهها بين رئيس الجمهورية وبوابة رئاسة مجلس الوزراء للمطالبة بمطالب مقبولة ـ سليمة والبعض منها غير مقبولة ولا سليمة، إنها فعلاً هموم ينوء بها الوطن ويصرخ إلى هذا الحد تكرهون اليمن!.. إلى هذا الحد يتكاتف الناس عليها ويقطعونها أشلاء يرمون كل جزء على حدة.. يحدث هذا في ظل استجداء بلادنا الدول المانحة تقديم مساعداتها في أزمتها الاقتصادية، كما يحدث هذا في ظل الاستجداء من صندوق النقد الدولي ليمنحنا قرضاً بشروط قاسية ومجحفة لا يقبل بها إلا كل ذليل من أجل توفير لقمة العيش، بينما الجميع يريد ويريد ثم يريد.. اللهم ارحمنا برحمتك ولا تخزنا يا رب العالمين، ماذا حدث لكم يا يمنيون؟! وماذا يجري على أرضك يا يمن؟ ما هذا الكم غير الطبيعي من العنف والقسوة والكراهية؟! ما هذا السلاح الذي تحمله السفن والقوارب إلى اليمن من الدول التي تقول إنها مسلمة لخراب اليمن؟! وما هذه الأعداد المهولة من البلطجية الصائعة؟ وما هذا التحدي السافر لكل الأعراف ولكل النظم؟ وما المطلوب حرب أهلية أم حرب مع دولة خارجية.. أم تقسيم اليمن ومن ثم فوضى ومتاهات والقضاء على اليمن لا سمح الله؟!..
أسئلة كثيرة.. ولكنها للأسف بلا إجابة.. ليست لصعوبة الأجوبة ولكن لصعوبة توضيح ما يحدث الآن في اليمن شماله وجنوبه.. فما يحدث الآن لا يمكن تعريفه أو وصفه إلا أنه قمة (السخافة والبلادة)، أي على وزن (سمك، لبن، تمر، هندي، قات، سوطي، عصيد)، أي بلا معنى.. ومهما قلت إنه يوجد من لهم صالح فيما يحدث في اليمن.. فأنا أراهن أن ما يحدث كان يفوق كل مخططاتهم وأحلامهم وأغراضهم.. إذاً المشكلة ليست فقط في أصحاب المصلحة، وإنما وهو الأهم في سلوكيات اليمنيين التي لا يكفي أن أقول إنها انهارت وتدهورت بقدر ما أقول إنهم وصولوا لدرجة تتطلب علاجاً نفسياً.. فمن أصبح يستعمل في حل مشاكله تفجير أنابيب النفط والنسف بالحزام الناسف والسيارات المفخخة والقنابل اليدوية والبندقية والمسدس والجنبية والتقطع.. لا يمكن أن يكونوا طبيعيين.. الأهم أن هذا الانفلات الأخلاقي الذي يعاني منه مجتمعنا يؤكد للعالم مع الانفلات الأمني صعوبة إعادة الحياة الطبيعية لليمن أو إعادة السياحة والاستثمار والذي ربما يساهم في حل كارثة اليمن الاقتصادية التي خسرت الملايين بسبب انفجارات أنابيب النفط والسياحة وبسبب تعطل العمل والإنتاج، بالإضافة لخسارة الاعتصامات والمسيرات والمطالب الفئوية التي وصلت حتى الآن بالمليارات من الريالات ولا تعليق سوى لك الله يا يمن.. لكننا نأمل أن الحوار الوطني القادم هو طوق النجاة والنجاح، كما وهو الطريق إلى بر الأمان باليمن وشعبه لحل كل هذه المعضلات من الصعوبات والمشاكل بإذن الله.
أحمد عبدربه علوي
لك الله يا يمن!! 1638