"فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره* ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره". إنه فعلاً عداد المصير، النهائي، في السعادة والشقاوة... أنت تصنع مصيرك أنت بنفسك، بأقوالك وأفعالك وأفكارك وتصرفاتك.
العداد هنا ذري دقيق، إنه يتعامل بالأوزان الذرية في الخيور والشرور، إنه عداد يستحيل أن تتدخل فيه يد بالقلع أو الإيقاف أو التصفير الذي يمارسه الأمراض الذين ابتليت بهم الأمة في هذا القرن على المستوى الرسمي وغير الرسمي.
إنه عداد يسجل لك وعليك، بلا مجاملة أو توقف، أو حاجة لإعادة شحن أو صيانة دورية، إنه من صنع الإله الذي أتقن كل شيء.
إن كنت تمارس السياسة فسوف تجد الحيل والمكر والخداع، وثمن الصفقات، كله في الميزان، أو تجد الصدق والإخلاص والنزاهة، سوف توزن الاتفاقات والتصريحات والمقابلات، سوف توزن التعيينات والوصايات والشفاعات، سوف توزن المقالات والاجتماعات والمهرجانات والتحركات، سوف توزن النفقات والنثريات والحوالات، سوف توزن المجاملات والارتهانات، زيارة السفارات وستوزن المواقف كلها.
لو أخذت ستسأل، لو منعت ستسأل، لو قلت ستسأل، أو سكت ستسأل، لو فعلت أو لم تفعل ستسأل، لو صرفت منحا أو ملحا أو سيارات أو أهديت مكافآت كبيرة أو صغيرة كانت جائزة نوبل أو منحة سفارة أو درعا أو درجة أو... أو... الخ، كله مرصود مرصود!!
فما كان يرضي الله وزن لصالحك، وما كان يسخط الله وزن عليك، والعداد مستمر وستراه عين اليقين، كنت صالحا أو طالحا، مصليا أو مجرما قاطع صلاة، مؤديا للزكاة أو مانعا، إن قطعت الطريق أو فجرت النفط أو أبراج الكهرباء أو غششت السلعة أو ابتززت الثوار أو المواطن المسكين، أو ظلمت، أو استغليت، كله محسوب محسوب، "ولا يظلم ربك أحدا".
د/ فضل مراد
راقب العداد 1317