توقفت جامعة تعز عن أداء رسالتها العلمية وعطل هذا المرفق العام الحيوي رغم أهميته التي يكتسبها من كونه مرفقاً تعليمياً وموقعه كأحد المرافق الأساسية في محافظة تعز التي تتميز بعدد من الخصائص أهمها طابعها الثوري ونموها السكاني.
في هذه المقالة الهامة سنحاول الوقوف على أهم معوقات التغيير في الجامعة.. إن ترشيح قيادة جديدة للجامعة ليس بالأمر الصعب إذا كانت هناك قاعدة معلومات سليمة من الناحية العلمية يستطيع مصدر القرار أن يعتمد عليها في ترشيح الشخص المناسب لتولي هذا المنصب ذا الطابع العلمي في المقام الأول.. ولكن عدم توفر هذه القاعدة العلمية وإسناد مهمة الترشيح لرئيس المجلس الأعلى للجامعات، الذي هو في نفس الوقت يشغل رئيس الوزراء، يجعل استقلالية رئيس الجامعة وتوفر الخصائص العلمية فيه أمراً صعب تحققه..
كما أن الواقع اليمني الذي يتسم بالفوضة وسيطرة الطابع السياسي عليه وجهل البعض ممن يعتمد عليهم في الوصول غلى المرشح، كل هذه العوامل تمثل عواملاً سلبية في الوصول إلى الشخص المناسب لتولي منصب رئيس الجامعة .
ورغم كل هذه العوامل السلبية المؤثرة حتماً وبقوة على أسلوب اتخاذ قرار برئيس الجامعة فإن هناك عاملاً خطيراً له التأثير الأكبر وهو العامل الذي يمثل في نظرنا الأساس لهذا التأخر العلمي والإداري لمرفق جامعة تعز، إنه عامل "التسييس الإداري" وتبدو مظاهر هذا العامل واضحة في الاعتماد على ترشيح الأحزاب في اختيار رئيس للجامعة مما يجعل هذه الشخص الذي يتم بعدها تعيينه متسماً بطابع سياسي بعيداً عن الجانب العلمي الذي يجب أن يكون في تقديري أهم سمات هذا الشخص، بالإضافة إلى سمة أخرى سلبية هي عدم الاستقلال والحيادية، بل إن مظاهر هذا العامل تكون واضحة تماماً إذا ما تم الاعتماد على أسلوب التقاسم الحزبي في تعيين قيادة الجامعة، فيأتي الشخص عن طريق حزبه الذي يمثله ليكون ممثلاً له وضامناً لحصته في ثروة الجامعة التي هي جزء لا يتجزأ من ثروة الوطن والتي يجب أن يتم إنفاقها بأسلوب يخدم المصلحة العامة في المجالات العلمية بالشكل الذي يضمن المساواة وتكافؤ الفرص بين منتسبي الجامعة بعيداً عن التسييس واقتصار هذه الثروة الكبيرة على المسيسين منهم دون زملائهم الذين قد يكونون أكثر استحقاقاً منهم لهذه الأموال.
إن الاعتماد على الأحزاب في اختيار رئيس الجامعة أمر خطير للغاية بالذات في الوقت الحالي، لأن توزيع منصب رئيس الجامعة ونوابه على الأحزاب سيقسم أعضاء هيئة التدريس إلى شلل، كل شلة تتبع مرشح حزبها وسيطغى الطابع السياسي على منتسبي الجامعة على حساب الطابع العلمي إلى الدرجة التي لا يستطيع فيها مجموعة من أعضاء هيئة التدريس الدخول إلى مكتب رئيس الجامعة أو أحد نوابه، لمجرد أنهم لا ينتمون لحزبه أو أنهم يمثلون طرفاً من أطراف الصراع في اليمن بعد الثورة ..
ما أحوج الجامعات اليمنية اليوم إلى قيادات علمية مستقلة نزيهة تحقق مطالب الشعب اليمني وتواءم الفترة الانتقالية التي يمر بها الوطن.
د. ضياء العبسي
التغيير في جامعة تعز 1717