حالة ترقب يعيشها أبناء اليمن استعداداً لمؤتمر الحوار الوطني الشامل المزمع عقده في الأيام القليلة القادمة والذي من المؤكد سيحتضن أطرافاً عديدة بمختلف توجهاتها السياسية والفكرية والاجتماعية دون استثناء ماعدا من سيتخلف عنه ممن لا يزالون يشعرون بالإحباط الشديد ويعتقدون أن هذا المؤتمر قد لا يحقق شيئاً أو ربما ينتهي بالفشل..
لعل من المفيد القول إذا كان لابد لهذا الحوار أن يحقق أهدافه المنشودة والتي سعى في الماضي كل أبناء اليمن نحو تحقيقها بكل الطرق المتاحة والمحاولات التي غالباً كانت تنتهي بالفشل وفي فترة ليست بقصيرة، بل كانت الأطول بطبيعتها، يجب أولاً أن لا يتوقف هذا المشروع عند هذا الحد وعليه ينبغي أن تنطلق الخطوات الأولى له من واقع الشعور بروح المسؤولية الوطنية والارتباط الوثيق بالأرض التي نعيش عليها، فمصلحة الوطن فوق كل اعتبار ودماء اليمنيين غالية لا يجب أن نفرط بقطرة منها إلا في سبيل حماية الوطن والحفاظ على سيادته وأمنه واستقراره.
على كل حال ما هو مهم هو إنجاح هذا المؤتمر وعلى هذا الأساس يتعين علينا جميعاً أن نقف وقفة صادقة في وجه التحديات القائمة حتى ولو كانت جسيمة أو شبه معقدة ومن هذا المنطلق ينبغي أن يكون السير واضحاً وملموساً حتى وان كان بطيئاً، كما أيضاً يجب أن تكون هنالك رؤية واضحة يلتف حولها غالبية أبناء الشعب اليمني إن لم يكن جميعهم.
حقيقةً طالما والحوار من خلال خطواته الأساسية سيتخذ طابعاً نوعياً وشاملاً بالتأكيد سيفضي بدرجة أساسية لمناقشة مجمل القضايا الوطنية لاسيما القضايا العالقة ذات الاهتمام البالغ والحساس كالقضية الجنوبية والقضايا الأخرى لكن ما آثار حفيظة الكثير من شباب الثورة أن المبادرة الخليجية قد أهملتهم وأهملت دورهم النضالي ناهيك عن إهمالها الواضح لكثير من القضايا الوطنية وعلى رأسها القضية الجنوبية، حيث يرى البعض أن هناك إخفاقاً جوهرياً كان ينبغي أن لا يكون حاضراً في مثل هذه الظروف، فكل الخطوات التي قامت بها حكومة الوفاق الوطني وفقاً للمبادرة الخليجية وآليتها المزمنة حتى اللحظة لم تتناول القضية الجنوبية في أي إجراء كان قد تم اتخاذه ولم تتطرق لها لا من قريب ولا من بعيد وهذا الشيء بحد ذاته يشكل مسألة غامضة تضع حولها علامة استفهام.
لاشك أن الصورة المعقدة لواقع اليوم هي في الأساس نتاج سلسلة من المشكلات والتراكمات السلبية التي ترسبت تدريجياً حتى وصلت إلى ما هي عليه، كان المتسبب في صنعها البعض والبعض الآخر شجع على تأجيجها واستمرارها بالتزامن مع صمت الأغلبية من أبناء الشعب اليمني نتيجة تخلي الجميع عن المسؤولية الوطنية الملقاة على عاتق كل مواطن يمني.
عموماً يظل مدى نجاح هذا المؤتمر مرهوناً بإرادة هذا الشعب وعزيمة شبابه المتنور المتطلع بأفق واسعة نحو المستقبل المأمول.. لاشك أننا في حال استطاعتنا تجاوز هذه المرحلة سيكون بالفعل قد تجاوزنا عقبة كأداء وسيكون من السهل علينا في المستقبل التصدي لأي تحدٍ مهما كان حجمه أو بلغت درجة تعقيده، فالتجربة القائمة من خلال الجلوس على طاولة الحوار تعد اللبنة الأولى لبناء الدولة المدنية الحديثة القائمة على مبدأ الديمقراطية والحرية والعدالة والحكم الرشيد وبناء الإنسان اليمني الواعي الذي سيقوم بدوره الايجابي في المستقبل القريب كمواطن يمني مسؤول.
فواز العبدلي
الحوار الوطني طريق إلى المستقبل المأمول 1443