حاول علي صالح في خطابه الأخير بميدان السبعين أن يبدو بمظهر الناصح الأمين, مستخدماً مهارته في الخطابة معولاً على ما ستحدثه تلك الكلمات الخداعة من تضليل وإرضاء ما تبقى من أنصاره ومحبيه في الميدان ..
وقد بدا أكثر تماسكاً وأصلب عوداً, مبرزاً خبرته السياسية وحنكته القيادية في ذلك الخطاب, ولا أقول هذا مدحاً للرجل ولست من المعجبين به, بل يكفيه وزراً وشؤماً وإدانة ما ارتكبه خلال فترة حكمه بحق جيل من البشر.. لكني أتذكر وأتأمل قول الله سبحانه وتعالى " ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام"..
وعلى كل حال فقد تكلم عن الجنوب والوحدة وإيران والرئيس عبد ربه, محتفياً بتسليم السلطة سلمياً, محاولاً استعادة ما انتزع منه حتى على مستوى الخطابة والتكلم في الشأن العام والتحدث أمام الكاميرات وفي أوساط الجماهير, مستميتاً في إشباع حاجته من ( جنون العظمة ), وما علينا في من ابتلي بما ذكر وابتلانا الله بتسلطه على اليمن ثلاثة عقود إلا أمور منها:
* الالتزام بقوله تعالى " ولا يلتفت منكم أحد " بمعنى الإعراض واللامبالاة وهذا وقعه على الطغاة من الزعماء شديد ومؤلم , وفيه أيضاً التركيز على المهم من الأمور ومتابعة تحقيق أهداف الثورة وما خرجت الشعوب لتحقيقه من ترسيخ وتثبيت دور الأمة في رقابة الحكام وخلع المتجبرين والطغاة منهم .
* ومنها أيضاً أن الأصل في من ثبت شرهم وعظم فسادهم وعرف حمقهم إساءة الظن وحمل كلامهم على خلاف ظاهره مثل حمل قول فرعون " وما أهديكم إلا سيبل الرشاد " على أن الذي يقصده سبيل الغواية والضلال وبالإمكان حمل قول علي صالح في دعمه للوحدة على دعمه للانفصال وفي اعتراضه على تدخل إيران في شؤون اليمن على تأييده لها وعليه فقس.
* ومنها أيضاً أن نسبة الجهل والفقر في اليمن كثيرة وحالات الفساد واستشرائه على مستوى الأفراد والمؤسسات عميقة ولا يزال كبار موظفي الدولة العميقة في أماكنهم يتربصون بالدولة الدوائر مع الوضع السياسي المضطرب للبلاد وإحاطة القوى الدولية باليمن من كل جانب وكلها عوامل ومساعدات تفسر سبب تواجد تلك الحشود والجماهير في ميدان السبعين يوم 27 فبراير..
ومع كل هذا فإن "القرآن يهدي للتي هي أقوم " خاصة في مواجهة قوى الشر والظلام وفي مطاولة رموز الفساد وأركان الاستبداد في الأرض ومما نطمئن إلى مناسبته من آيات القران في التعامل مع مثل هذه الحالات قول الله " وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ وَامْضُوا حَيْثُ تُؤْمَرُونَ".
h_mm1@hotmail.com
حمير مثنى الحوري
وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ 1523