منذ أحداث الربيع العربي ونحن أمام 4 نماذج لخروج الحاكم العربي من الحكم. النموذج الأول كان النموذج القائم على النفي أو الترك الاختياري إلى خارج البلاد، وهو نموذج الرئيس التونسي الأسبق زين العابدين بن علي الذي رحل في أقرب رحلة جوية وغادر السلطة.
النموذج الثاني كان نموذج الرئيس المصري السابق حسني مبارك الذي قرر التنحي عن السلطة بشكل سلمي، وقرر، ثقة منه في نفسه وجيشه وشعبه، أن يبقى داخل مصر مقتنعا أنه لن يمس هو وعائلته بأي سوء. وحدث ما حدث وقدم الرئيس السابق إلى محاكمة.
أما النموذج الثالث فهو نموذج العقيد الليبي معمر القذافي الذي قرر قتال خصومه «من دار لدار ومن حارة لحارة ومن زنقة لزنقة»، وكانت النتيجة هي قتله بشكل وحشي. أما النموذج الرابع فهو النموذج اليمني الذي أدار فيه الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح معركة التفاوض السياسي على ترتيبات خروجه من السلطة، وكان من الذكاء في اللعبة والمهارة أن خرج بأفضل اتفاق تعاقدي يؤمنه بضمانات محلية وإقليمية ودولية. هذا النموذج الآن يتعرض في اليمن إلى مخاطر شديدة نتيجة أن البلاد ما زالت تعاني - حتى الآن - من وجود نفوذ الرئيس اليمني السابق في مراكز صناعة القرار، مما سبب إشكاليات حقيقية للرئيس الشرعي الحالي للبلاد، وهو الرئيس عبد ربه منصور هادي.
التحركات القبلية، والاضطرابات الأمنية، وعدم استقرار الأوضاع داخل الجيش، واستمرار التصعيد في مدن الجنوب اليمني، والتوتر مع قوى الإسلام السياسي في اليمن.. تجعل المرحلة المقبلة شديدة الصعوبة.
اليمن ليس دولة عادية، فرض عليه التاريخ دورا استثنائيا، وحكمت عليه الجغرافيا السياسية بموقع استراتيجي وحساس يتحكم في أمن المنطقة ونفطها وشعوبها. أزمة اليمن تزداد صعوبة وتعقيدا بسبب السعي الإقليمي والدولي إلى محاولة الاختراق الأمني بالمال والسلاح.
ويتردد أن هناك أجهزة استخبارات لـ8 دول في المنطقة والعالم تعمل بنشاط كبير وحركة دؤوبة بشكل يومي في اليمن من أجل ضمان عدم انتقال السلطة في البلاد لقوى معادية لمصالحها.
وفي الآونة الأخيرة تم اعتراض عدة سفن ناقلة لشحنات من السلاح الإيراني إلى قوى الحوثيين من أجل استمرار العمليات العسكرية في اليمن. وفي الآونة الأخيرة أيضا ازدادت عملية الاستكشاف الجوي والاستطلاع العسكري لتمركز قوات قبلية تسعى إلى عمليات عسكرية تهدد السلطة المركزية في البلاد. ويتردد في واشنطن أن عمليات الطائرات من دون طيار سوف تستمر من دون توقف لمطاردة القوى المتطرفة.
لن يهدأ اليمن.. ولن تتوقف تحركات الحراك اليمني.. ولن يقنع النظام السابق بأنه بالفعل رحل.
الشرق الأوسط
عماد الدين أديب
اليمن غير السعيد! 1393