ما أجمل صوت الحقيقة حين يخرج نقيًّا من رحم المعاناة.. ينتزع الحقوق ويُعَرِّي الزيف، لا يخلط الأوراق ولا يهدم القيم ولا يحيف، ذاك صوت النقاء الآتي من الجنوب، حقوق سُلبت، آن لها أن تُرد، وجراح تقرَّحت آن لها أن تندمل، لم تكن احتفالية 21فبراير2013م تمجيدا لشخص الرئيس بقدر ما هو تعبير عن فرحة الشعب اليمني جنوبه مع شماله بمنجز إنهاء مشروع التوريث وبدء حقبة من العدالة والبناء، فكرة كهذه لم تكن لتروق لفئة ضاق أفقها عن تخيل وجود وطنيين في الجنوب يحترقون ألمًا من اجل اليمن ويفرحون لبشارة عافية تتراءى على وجل.. جنوبيون ذاقوا الأمرَّين لكنهم يعرفون جيدا أن عدوَّهم لم يكن يوما ما صاحب تلك البسطة.. المواطن المقهور مثله ! الذي يتجرع غصص سلب حقوقه زمنًا وعنَّت له فكرة الرحيل إلى أرض نقية يبدأ فيها مشوار الكفاح من اجل لقمة العيش.. لم يكن الريمي القادم من الشمال يحمل آر بي جي ولكنها الطماطم، ولم تكن العربية مجنزرة حتى يقعدوا لها بكل مرصد! جيش الاحتلال الشمالي ليس سوى أبناء العمومة التي فرقت بينهم وبين أبناء عمومتهم الحروب والمصالح الشخصية على حساب الوطن.. هل كان الجنوب بحاجة إلى بوعزيزي ليحرر الأرض ويعيد الحق المنهوب، لم ينكر عقلاء الشمال قضايا الجنوب العادلة ولم يكن أصحاب تهامة أو تعز أو مقهورو الشمال بمنأى عن سياسة البطش والاستقواء، ذاق اليمني في الشمال والجنوب من المرارة ما يكفي ، ولم يكن جسد البو(أصابي) المحترق إلا فصلا من فصول المؤامرة التي تكاد تعصف بمطالب الجنوب المشروعة... سياسة الحرق ثقافة متوارثة يعرفها العاجز .هي سياسة ( حرِّقوه وانصروا آلهتكم)، وسياسة ذي نواس الذي احرق أصحاب الأخدود، هي نفسها سياسة مأجورين محرقة تعز، الأسلوب عينه، والمنهج ذاته، حاشا لأبناء الجنوب – مهما كان غضبهم مما حلَّ بهم على يد لصوص الوحدة ومشرِّعي سياسة السلب أيًّا كانوا- حاشاهم أن يقروا عصابة الإجرام على جريمتهم البشعة بحق الإنسانية أولًا.. وبحق قضاياهم المشروعة آخرًا . لن يكون صوت قُطاع الطرق أقوى من صوت النقاء الجنوبي.. من ينهب أموال الناس بالباطل ليس أقل من قاطع طريق، ومن يقتل إنسانا متعمدا بغير وجه حق فلا أقل من القصاص.. وليسقط قانون الحصانة فوالله ما استقوى الباغي إلا بهشاشة القانون الجائر.. وبكل مشاعر الحنق على سياسة العنف أطالب مديري أمن المحافظات الجنوبية أن ينتدبوا لمواجهة هؤلاء القتلة والمفسدين أشد الرجال بأساً بشرط ألا يحملوا معهم سلاحا ولا يطلقوا رصاصة واحدة.. لن ينقذ الوطن سوى مجموعة فدائيين تعلي شعار السلم، وتنبذ العنف، رفقا باليمن فما عاد فيها من حطب يكفي لاحتراق آخر..
خديجة عبد الملك داوود
البو (وصابي) يحرق آخر أوراق الحراك المسلح! 1617