نكتة اسمعني إياها صديق قال انها متداولة بين اهالي ذمار المعروفين بروح الفكاهة والسخرية اللاذعة ، فكما قيل بان معلما مصريا حين وطأت قدماه ارض اليمن كان قد قدَّر مسيرة دولة النظام والنظام بمدة 50سنة ؛ لكنه وبعيد رؤيته ومشاهدته لتعاملات الجهات والناس قرر اضافة " صفر " الى رقمه ليرتقي الى 500 سنة ، في النهاية وحين استكملت مدة اقامته في اليمن زاد صفرا ثالثا الى جوار خمسته لتكون المدة الزمنية المتوقعة لبسط سلطة الدولة والنظام 5 ألف عام .
ثورة الضباط الاحرار طوت من عمرها خمسة عقود ، أي نصف قرن من الزمن ، فيما مبادئها واهدافها مازالت عالقة ويستلزمها ربما عقود قابلة . اليوم نحتفي بالذكرى الثانية لثورة الشباب 11فبراير 2011م، فبرغم أن هذه الثورة لم تتوقف مسيرتها وتضحياتها؛ إلا ان المتأمل في واقع السنتين الفارطتين سيجد ذاته إزاء حالة عجيبة غريبة يستدعيها خمسين سنة نظافة، فكي تطهر وتزيل ما أفسده النظام العائلي القبلي العسكري الجهوي خلال حقبة ثلث قرن ؛ يستلزمها ربما سنون وعقود من النظافة المضنية والمكلفة .
هذه الثورة الشبابية الشعبية تحمل على كاهلها ما فشلت فيه أجيال يمانية سالفة، إرث مثقل بالمشكلات والتعقيدات؛ لكنه ليس بمستحيل على هذه الاجيال الثائرة لأجل وطن جديد يسوده العدل والحرية والمساواة والكرامة والنظام والامان والوئام وغيرها من مفردات الحداثة والمدنية والتحضر .
على هذا الاساس اعتقد أن الثورة مازالت مستمرة الى ان تحقق كافة اهدافها ومطالبها، وعندما نقول إنها دائبة؛ فلا يعني مرابطتها في الساحات، أو بقدرتها على تنظيم احتفائية سنوية ؛ إنما استمرار هذه الثورة يكمن بتفوقها دوما كي تخلق من هذه الساحات معادلة جديدة ضاغطة ومنتزعة لكثير من الحقوق والحريات .
نعم؛ فقدرة شباب الثورة على حشد الجماهير وفي أية لحظة لهو الامر المهم والايجابي، لكننا هنا نتحدث عن معتقلين مخفيين لا يعلم أحدا بمكان اعتقالهم أو قتلهم ! عن ثوار جرحى يتظاهرون ويعتصمون ويموتون قهرا وكمدا وحسرة وخيبة ! فمثل هذه الاشياء بلا شك قاصمة ومشوهة لمسيرة الثورة التي انطلقت قبل عامين ، وينبغي ان تظل فاعلة ومؤثرة؛ بل وصانعة حقيقية للدولة المدنية الحديثة باعتبارها الحلم والتطلع والباعث - ايضا – لهذه الثورة .
ختاما؛ الثورة تطوي اليوم عامها الثاني، ما حققته بكل تأكيد يصعب التقليل منه، فيكفي الواحد منا مشاهدة قناة صنعاء الرسمية ليدرك الفارق الشاسع والعميق الذي احدثته هذه الثورة ، لكنها وبالنظر الى حجم المشكلات والافكار والقضايا الوطنية والتطلعات والآمال مازالت هذه قليلة وضئيلة إذ أن الثورة تعاني من التعثر والتخلف والمراوحة في ذات المساحة المنطلق الذي استهلت به عهدها مكتفية بخلع رأس البلاد وبعض من رجالاته ورموزه .
فالمهم الآن ليس ماهية الحشود الكثيفة ؛ وإنما بقدرتها على الاستمرار الايجابي الذي يمكنه انجاز الكثير وبوقت قصير يمكنه دحض الفكرة اليائسة المحبطة التي عبر عنها المعلم المصري ، وزاد عليها أهل ذمار أن جعلوها نكتة ساخرة لاذعة الى ان تثبت هذه الثورة أنه بمستطاعها تغيير كامل الصورة الراسبة في ذهن اليمنيين وفي واقع حياتهم وتعاملهم وثقافتهم .
محمد علي محسن ردمان
ومازالت الثورة مستمرة !! 1652