يقف اليمنيون, وهم يقتربون من الثامن عشر من مارس المقبل, على مفترق طرق ومنعطف خطير سوف يعبرون من خلاله, إذا تمسكوا بالحكمة, إلى آفاق المستقبل الواعد بالخير والتطور الذي ننشده جميعنا.
قبل هذا الموعد هناك حوثيون يريدون فرض إيديولوجيتهم على اليمنيين منطلقين في ذلك من إقليم صعدة, وهناك حراكيون إنفصاليون يريدون فرض الانفصال وتفتيت اليمن بالقوة وبالتأكيد أنه ليس لليمنيين مصلحة في ذلك إلا لعاب هؤلاء الذئاب الذي يسيل على الثروات النفطية في بعض محافظات الجنوب.. وهناك قوى سياسية بعضها يخاف على الوطن كثيراً ويتأخر عن فعل الواجب كما ينبغي وفي الوقت المناسب ويخشى أن تخرج الأمور عن السيطرة.. وهناك أطراف خسرت الرهان على البقاء في السلطة وتوريثها وهي اليوم تتحرك بدافع الانتقام من كل جميل داخل الوطن..
ولو كانت هذه الأطراف منزوعة الأظافرـ أي لا تملك المال والسلاح ـ لما همنا أمرها ولكن الخطير في الأمر أنها وهي في حالة العمى تتصرف كما لو أنها ترى كل شيء بوضوح وتصرفاتها ترهق الدولة وتزعزع الأمن والاستقرار وسقوط الوضع هو نجاح لها وخسران للوطن..
وهناك تيارات تؤمن أن قتال أمريكا وهزيمتها أمر ممكن اليوم بالبندقية مع شدة وضوح الفارق بين الأسباب التي اتخذتها أمريكا للتفوق في كل شيء والأسباب التي يتخذها هؤلاء للتفوق على أمريكا.. وهناك وهو المهم موقع جغرافي تتميز به اليمن وهو أشبه بجوهرة بيد فحام لا يعرف قيمة الجواهر وكيف يمكن استثمارها.
ويوجد أيضاً وضع اقتصادي بالغ التعقيد وهو ليس من صنيعة حكومة الوفاق الوطني, حيث لا ناقة لها فيه ولا جمل، إنه إرث زرعناه بعد ثورات التحرر من الأئمة والاستعمار وسقيناه بأيدينا طوال نصف قرن من الزمان ويتحمل نظام علي صالح 70% من تبعات هذا الإرث بحكم الفترة الطويلة التي حكم فيها اليمن وفق رؤية قاصرة لم تستلهم تجارب ونجاحات الآخرين من الشعوب التي كانت متخلفة في الستينات والسبعينات أكثر من اليمن.
هذه كلها معطيات وحقائق تقف أمام اليمنيين وهم يلجون إلى مؤتمر الحوار الوطني لحل مشاكلهم تحت رقابة ومتابعة عن كثب من قبل دول الإقليم والمجتمع الدولي، فإذا نجحنا حصلت المعجزة وتجاوز اليمنيون أخطر تحد في مسيرة الثورة الشعبية الشبابية السلمية وسوف تتحقق بإذن الله ثاني أبرز أهداف الثورة الشعبية المتمثلة في إقامة الدولة المدنيةـ عكس العسكريةـ الحديثة دولة النظام والقانون والمساواة والعدل والذي بجعله واقعاً في حياة المواطنين سيقفز باليمن مسافات شاسعة إلى مصاف دول العالم الثالث الأكثر نمواً وليس ذلك على اليمنيين بمستحيل..
أما إذا ركب المتحاورون رؤوسهم وحرص كل طرف على إفشال الطرف الآخر وتجاوزت المصالح الشخصية المصالح الوطنية ودخل الوطن في محنة الاقتتال لفرض الآراء بالقوة بعد فشل فرضها بالحوار فإن جرس الإنذار الإقليمي والدولي سيدق وسوف تكشر كل القوى الناعمة ـ في تعاملها مع اليمن ـ عن أنيابها وتقول لليمنيين جميعاً اقتتلوا كما تريدون فقد أقر مجلس الأمن وضع باب المندب وبحر العرب المقابل للشواطئ اليمنية تحت الرقابة الدولية. طبعا سيكون المبرر هو لحماية مصالح العالم التي تمر من هذا المنفذ الحيوي الهام وحينها سوف لن تروا مرة أخرى جمال بن عمر الذي أحب اليمن كثيراً وربما ستشاهدون قائداً عسكرياً كبيراً من قوات حلف الناتو له صلاحيات لا تقل عن الحاكم بريمر يشرف على هذه الممرات وتحت إمرته آلاف من القوات العسكرية متعددة الجنسيات تمولها إما الدول المشاركة في هذه القوات أو الرسوم البسيطة التي ستفرض على السفن التجارية التي تمر يومياً بالمئات من هذا الممر الذي يربط شمال الكرة الأرضية بجنوبها وشرقها بغربها..
أرأيتم كيف يمكن أن نصل إلى وصاية دولية حقيقية يا يمن الإيمان والحكمة؟.
عبد القوي القيسي
الحوار الوطني أو الوصاية الدولية 1413