على الرئيس إن كان جاداً في إنجاح الحوار القادم ، فعليه أن يحقق شروط ومطالب الشباب الثوار (النقاط العشرين) فهي كلها تصب في مصلحة الوطن وكلها عادلة ومهمة وموضوعية للغاية, بل هي قمة العدل والمنطق.. يا قوم..كيف يمكن أن يجلس القتلة والضحايا على مائدة واحدة يتحاورون هكذا ببساطة.. كأن شيئاً لم يكن.. كأن الدماء التي سالت انهاراً في الشوارع والأزقة والساحات لم تكن غير ماء رخيص.. ليس عدلاً إن حصل ذاك.. فيا حبذا أن يستغل الرئيس الفترة المتبقية ويلبي مطالب شباب الثورة.. لأنها فعلاً تضمن نجاح الحوار.
***
قال لي البعض: هل تدرين أن هناك مسؤولين كباراً وصغاراً يعيشون في رفاهية عجيبة لا تتناسب مع كوننا شعباً فقيراً للغاية.. قلت نعم اعلم.. للأسف ، حتى بعد ثورة الشعب ضد الظلم والاستبداد لازالت العدالة والمساواة بعيدة عن الناس وواقعهم.. المسئولون في بلدنا يعيشون حياة ترف ورفاهية ويملكون رواتب خيالية!.. كأنهم مواطنون في بلد خليجي وليس اليمن،امتيازات وسفريات وعلاج في أرقى مستشفيات الخارج (وليس حتى مستشفيات الداخل الخاصة فهي لا تناسب مقامهم الرفيع!).. لكن في ظل وجود غالبية عظمى من الشعب تعيش دون مستوى الآدمية..يصبح هذا الأمر غير منطقي ولا يقبل به احد بعد ثورات الربيع العربي التي جاءت ضد هذا الخلل الفادح في مفهوم المساواة بين المواطنين ورفع مستوى أبناء الشعب ومنحهم كل حقوقهم وإشراكهم في ثرواتهم.. لا أن تكون الثروات لقلة.. بينما الأكثرية الساحقة محرومة من اقل القليل..هل يعلم ولاة أمرنا هذا؟.. غالبية اليمنيين يعيشون دون مستوى الآدمية..وانظروا لقرانا ومديرياتنا أو ما تسمى ظلماً بــ (قرى ومدن)في القبيطة مثلا وتعز وحجة والحديدة وشبوة ومأرب وردفان ووو،أماكن تتعب وتتعذب من العيش فيها حتى القرود!، حرام يعيش فيها بشر! حرام!.. نذكر(عسى الذكرى تنفع ولاة الأمر والمسؤولين) أن عمر الفاروق حين ضربت المجاعة بلاد المسلمين في عهده..جعل المجاعة تضرب بيته أيضاً مساوياً نفسه وأهله برعيته.. واقرأوا كتب التاريخ.. على الحاكم ووزرائه ومسؤوليه أن يعيشوا حياة الشعب بكل تفاصيلها..بحلوها ومرها،لا يحق لهم مهما علت رتبهم ومناصبهم ،ومهما كانت شهاداتهم العلمية رفيعة.. أن يملكوا كل شيء بينما الأكثرية لا تملك أي شيء، وإلا لن يشعروا بالناس أو بمعاناة الناس أبداً..لن يشعروا بما لا يذوقونه.. لا يجب أن يعيشوا وعائلاتهم حياة منعمة ورفاهية حد الجنون والمبالغة.. ليس من حقهم ذلك.. بينما يعيش الشعب (بغالبيته الساحقة) ويعيش المواطن وأسرته وأبنائه حياة اقل ما توصف به أنها.. ليست حياة!.
***
خبر: تصريح لرئيس مجلس الأمن قبل أيام، يقول: إن صالح اكبر معرقلي التسوية، ونفكر في فرض عقوبات!.. التعليق: متى؟!..عندما تخرب مالطا!.
***
خبر آخر في إحدى الفضائيات المصرية: مئات السوريات وعائلاتهن الفارين من بلادهم بسبب الحرب والقتل من قبل نظام الأسد الدمويز.. وجدوا يتسولون في مساجد القاهرة!
التعليق: سؤال يحيرني ويحرق قلبي ولا املك له تفسيرا إلى الآن: أين هي شعوب الخليج الغنية من كل ما يجري؟!..إلى متى وهم خارج السرب..خارج الحياة والإنسانية..خارج التغطية؟..إلى متى؟!!.. هل لا زالوا إحياء؟ أم هم ماتوا؟.. نعلم حجم الرفاهية التي رزقهم إياها الله، ابتلاء لا امتحاناً وليس تشريفاً.. إلى متى غائب عندهم شعور الإخوة والنخوة والإحساس بمعاناة إخوتهم العرب؟..عار عليكم كبير..
يا أهل الخليج: إن الشعب المصري فقير جداً في غالبيته الساحقة..نعلم هذا..ونحن في اليمن يوجد الكثير من اللاجئين السوريين الأحبة الذين نفتخر بهم ونتشرف بوجودهم معنا.. لكن الظروف المرة الصعبة لليمني والمصري تقف أمام رغبته الجامحة في أن يمد يد العون لشقيقه السوري..المعاناة فاقت كل تقديراتنا وقدراتنا..نقول لشعوب دول الخليج وحكامها وأثريائها وأمرائها وشيوخها وتجارها: يا للعار!..تبا لكم ولأموالكم وثرواتكم..وسحقا..إلا لا بارك الله لعبد مؤمن بات شبعاناً وأخوه بات جائعاً محروماً مخذولاً يتخطفه الموت والقصف والحرمان.. إنما أموالكم ابتلاء لينظر الله سبحانه أين تذهبون بها.. وأين تضعونها..ومن لم يرحم الناس، لن يرحمه الله يوم الحساب العسير.. يوم الحساب الأكبر.
//////
" التقاسم" انتهاك لحقوق وحريات المواطنين
د. عبدالكريم هايل سلام
المشهد البادي للعيان بوضوح أن الدولة التي حلم بها اليمنيون خلال الانتفاضة الشعبية تبتعد عنهم، بسبب إيغال أحزاب التوافق في سياسة تقاسم الوظائف العامة من قبل الائتلاف الحاكم .
والخلاف الذي يظهر للعلن من حين إلى آخر حول التقاسم ليس حول مبدأ التقاسم ،إنما خلاف على الحصص والأنصبة الممنوحة لكل حزب سياسي ، أما من حيث المبدأ فالكل سواء كانوا المحسوبين على النظام "السابق " أو المحسوبين على النظام "الثوري" لا يعارض التقاسم, بل يراه استحقاقاً حزبياً وسلطوياً تقتضيه المشاركة في السلطة، ما يشكل ليس فقط مساً واعتداء على حقوق الآخرين، بل وخرقاً لمعايير وشروط الوظيفة العامة، علاوة على أنه يلحق الدولة بالسلطة الحاكمة ويبرر كل مساوئ النظام السابق من قبل من كانوا يأخذون عليه سيطرته على الوظيفة العمومية وتسخيرها لأغراض حزبية، ويكشف بوضوح أن ما يرفعونه عن دولة القانون ليس سوى تسويق سياسي، واتضح أنهم بكل تلوناتهم وتنوعاتهم الأيدلوجية والدينية يعملون على حزبنة الدولة ولا يقيمون اعتباراً لأي حدود بينهما، مع أن الدولة دولة المجتمع والسلطة مجرد إدارة مؤقتة يخولها الناخبون للحاكم بموجب تعاقد اجتماعي وسياسي لاختبار مهاراته وقدراته في إدارة الشأن العام، وممارسته موقوفة على عدم الانحراف بالسلطة عن تحقيق المصلحة العامة، وأن لا يخالف الحاكم القوانين، أو ينحرف بها عن الأهداف التي خصصت لها.. وبالتالي فإن تعيين الأقارب وأعضاء الحزب، أو العشيرة، وأصحاب المصالح والمنافع يعد من قبيل الانحراف بالسلطة، علاوة على أنه يهدر حقوق وحريات الأفراد ويميز بين المواطنين بسبب الانتماء السياسي المنصوص عليها في العديد من المواثيق والاتفاقيات الدولية التي وقعت عليها الحكومات اليمنية المتعاقبة، ويشكل خرقاً للدستور الذي نص على المساواة بين المواطنين .
ولذلك فإن الإعلاء من قيم المواطنة وحماية الحقوق والحريات الفردية تقتضي الالتجاء للقضاء ووضعه على محك الاختبار الحقيقي لاختبار مدى انتصاره للحقوق, لأن دعاوى الانحراف والغلو والشطط بالسلطة، والحؤول دون إساءة استعمالها هي الضمانة الحقيقية لحماية حقوق وحريات المواطنين ومنها الحق في الترقي الوظيفي بناء على الجدارة والأهلية، وليس الموقع السياسي والحزبي الذي عادة لا يأتي إلا بمعاقين مهنياً في الإدارة العامة، وهو ما يعني أن جميع القرارات التي تصدرها الإدارة بما فيها قرارات رئيس الجمهورية الماسة بحقوق الأفراد والمخالفة لشروط شغل الوظيفة العامة والمخلة بمعايير المساواة والعدالة ليست محصنة ضد الطعن والإلغاء متى ما كانت معيبة بمخالفة القوانين النافذة، ومع أن هناك من يعتد بما ورد في المادة الرابعة من المبادرة الخليجية التي أكدت أن المبادرة تحل محل التدابير والإجراءات الدستورية والقانونية النافذة، إلا أن ذلك التفسير غير دقيق, لأنها لو كانت كذلك فإنها تضع الأمم المتحدة والدول الراعية للمبادرة في موضع المنتهك للحقوق والحريات الفردية التي تعلي منها جميع الشرائع والأديان والاتفاقيات والمواثيق الأممية التي وضعتها الأمم المتحدة، أو المنظمات التابعة لها وتعطيها أولوية على غيرها من الحقوق .
بناء على ما تقدم فخيار طريق القضاء الإداري لحماية الحقوق والحريات هو الطريق الأنسب, ليس فقط لنيل الحقوق والدفاع عنها، إنما أيضاً لإعلاء منطق الدولة على الحزب وعلى جماعات ما دون الدولة التي ما انفكت تتطاول بحثاً عن موطئ قدم لها على أساس التقاسم والمحاصصة السياسية، وهذا هو طريق الثورة الفعلي الذي يجب على الأفراد ارتياده دون وجل أو خوف من السلطة، لاسيما بعد أن آلت الثورة الشعبية إلى من كانوا سبباً في قيامها، وبعد أن أضحى ثوارها يبررون وينفذون كل ما يتناقض مع ما كانوا يدعون إليه، ألا وهو دولة القانون التي تستباح وتهدم بتوافق مريب وبتواطؤ كل الباحثين عن فتات اللحظة العابرة التي ستفوت على الحالمين بالدولة حلمهم الذي يبتعد عنهم كلما توافق المتقاسمون على حصصهم وأنصبتهم .
لينا صالح موسى
الحوار الموعود 1809