من حقك أن تشتري سيارة لابنتك في مصر، ومن حقك أن تغضب على من سرقها، ومن حقك أن تحزن على دفع فدية لاسترجاعها، كل ذلك ضمن المألوف المتداول في حياة الناس كافة، ولكن الذي لفت نظري في مقالك المنشور تحت عنوان "الاستبداد والحرية بين زمنين" والذي تشيد فيه بزمن جمال عبد الناصر، وتقول: لقد أحسست بمشاعر الإنسان الذي تُسرق سيارته، مثلما أحسست بالظلم لدفع ثمن استرجاعها. لعنت الحرية التي نحبها طالما إنها تُضعف الدولة، وتمنيت الدكتاتورية مع قوة الدولة، ثم اعتذرت، لأن الزمن الجميل، لم تكن دكتاتورية، مثلما لا يمكن وصف الواقع الراهن بأنه الحرية.!
لم يلفت نظري موقفك السياسي، فلا تعليق على رأيك الذي أعرفه من خلال متابعة ما تكتب، وقد أتفق معك حيناً، وأختلف معك أحياناً، وهذا لا يفسد ما بيننا من احترام ومودة، ولكن الذي لفت نظري، ويجبرني على الكتابة لك، وأنت بعيد عن قطاع غزة، هو حجم المعلومات المغلوطة التي تصل إليك في بلاد الهند، والتي تحرك قلمك للكتابة والنقد، في الوقت الذي يشهد الواقع الذي نعيشه خلاف ما تظن، وعكس ما سمعت عن سكان قطاع غزة، واتهامهم بسرقة السيارات، ففي قطاع غزة لا تمشي على الطرقات سيارة واحدة مسروقة، ولا تسمح الحكومة في غزة بترخيص أي سيارة لا تحمل أوراق رسمية، وأوراق بيع وشراء، وتنازل قانوني، ولا يسمح بدخول أي سيارة عبر الأنفاق إلا من خلال صندوق الاستثمار الفلسطيني، الذي يشرف على استيراد السيارات ضمن آلية عمل منظمة مع الجهات المصرية الرسمية.
أخي وصديقي عدلي صادق، سفيرنا في بلاد الهند، على ضوء المعلومة الصحيحة التي قدمتها لك، اعترض على الفقرة التي وردت في مقالك، والتي تتهم فيها غزة ببيع وترخيص السيارات المسروقة، فتقول: "وفي الحقيقة، أحسست في يوم إبلاغي بسرقة السيارة، بمشاعر حنق مع الرضى عن كل ما كتبت، متعرضاً لجرائم سرقة سيارات المواطنين المصريين، وبيعها وترخيصها في غزة. فقد حافظت على موقفي المستنكر لغزوة السيارات، على امتداد المسافة من موضع السرقة إلى موضع الترخيص، مروراً بفتحتي الإنزال إلى النفق وسحبها منه.!
أتمنى على سفيرنا في بلاد الهند أن يستقي معلوماته من مصادر متعددة، حتى ولو كانت ممن يختلف معهم في الرأي، وفي الرؤية السياسية.
د. فايز أبو شمالة
إلى سفيرنا في الهند 1780