أخيراً كتب لتلك الجهود سيئة السمعة والصيت لعناصر الردة عن اتفاق التسوية السياسية في اليمن وتلك الأطراف الأخرى المهووسة بانفصال الجنوب اليمني أن تتمخض عن مولود مسخ ولقيط ومشوه الملامح وخبيث التوجه والأهداف وفاقد للقيم والأصالة كأصحابه من المرتدين الذين سعوا لظهوره في حقد دفين, ومثل أولئك المتآمرين ممن دبروا لميلاده بليل مظلم حالك السواد, هو نهج وسلوك غادر لئيم حرص فيه زمرة الغدر وتحالف الردة والخيانة في نشاطهم المناور بمكر وسلوكهم المخادع بغدر على توجيه الضربة القاتلة لأمن واستقرار اليمن وشعبها من خلال السعي المدان لاختراق وحدة الموقف والقرار لأعضاء مجلس الأمن الدولي وتضامنهم الحميد في إخراج اليمن من محنتها منذ العام 2011م بإجماعهم على اتخاذ القرارات التاريخية لمجلس الأمن رقم 2014 بتاريخ 21اكتوبر2011م ,وقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2051 بتاريخ 13 يونيو 2012م حول اليمن.. تلك القرارات التي أنقذت وطناً وشعباً بأكمله من السقوط في المنحدر والوقوع في فتنة الحرب الأهلية التي لا تبقي ولا تذر, تلك القرارات الأممية التي أسست لتسوية سياسية بين فرقاء العمل السياسي في اليمن وتجاهلت ثورة حقيقية قائمة في الأرض اليمنية هو الربيع اليمني الذي جاء بعد طول انتظار, تلك القرارات الأممية التي جاءت لتنقذ سلطة خاوية متهاوية.. هي سلطة الأسرة الحاكمة لبني عفاش ووفرت لهم ملاذاً آمناً للخروج من السلطة, ثم عادوا وانقلبوا عليها وعلى اليمن وأهلها وتنكروا بجحود تام للوطن والشعب والقرارات الدولية..
هم أرادوه ومازالوا ليلاً مظلماً أشبه ما يكون بربيع الأشقاء في ليبيا وسوريا, إلا أن إجماع مجلس الأمن في قراراته حول الأزمة في اليمن حدت من جنون العظمة عند السلطة الغاصبة وألجمت فرص ظهور طغاة في اليمن أمثال القذافي وبشار, بل وقضت على فرص رغبة عفاش الكامنة والدفينة في جر اليمن وأهلها إلى مربع الفتنة والاقتتال.
صدم الشعب اليمني واستغرب من تبدل الحال والقرار عند روسيا الصديقة في هذا الشأن, حيث أنه في مساء الخميس الموافق 14فبراير 2013, اتخذت روسيا وللمرة الأولى موقفاً مغايراً للإجماع الدولي في مجلس الأمن وشقت وحدة الصف والموقف فيما يتعلق بالتسوية السياسية في اليمن, وكادت دولة روسيا العظمى في هذا الشأن الهام والجلل أن تصيب اليمن وأهلها في مقتل, بل وتأسس من حيث تدري أو لا تدري ليمن متناحر متنافر ومقسم ومتشرذم..
نعم كادت روسيا الصديقة بفعلها هذا الأرعن أن توجد بؤرة حروب وتوتر جديدة في منطقة هامة في جغرافيا العالم ومصالحه الحيوية, منطقة هي على مشارف أهم الممرات البحرية الدولية, منطقة تقع على أبواب منابع النفط وتشكل العمق الجغرافي والبشري للاحتياطي الاستراتيجي للعالم من تلك المادة التي مازالت تشكل الطاقة الأهم للعالم ودولها الصناعية المتقدمة.
روسيا صديقة اليمن والعرب عبر أجيال وقرون عديدة مضت في سابقة منها تسجل علامة تاريخية بارزة وفاصلة في الإساءة لشعب اليمن في أمنه واستقراره وآماله في مستقبل آمن ومزدهر, حيث اعترضت روسيا الصديقة الأقدم في علاقتها المميزة بالشعب اليمني على المشروع البريطاني المقدم لمجلس الأمن الدولي بشأن العقوبة المقترحة على معرقلي إجراءات تنفيذ المرحلة الانتقالية والسير الآمن والسلس في نقل السلطة وانعقاد مؤتمر الحوار الوطني الشامل, البند الأهم في اتفاق التسوية السياسية وآليتها المزمنة, وفضلت روسيا صديقة الشعب اليمني قاطبة التنكر لعلاقتها ومصالحها القائمة مع الشعب المكافح والانحياز لحفنة من الأفراد المنافقين والمتآمرين هم في مجملهم قلة من تركة العهد الماضي السيئة والمؤلمة, بل هم الرموز المشينة لذلك العهد البائد, أعداء الشعب في إرادته الحاسمة المطالبة بالتغيير ولتجديد والانتقال للغد المشرق في اليمن, ومن أكثرهم تربصاً وعداء لمطالب الشعب بالعهد الجديد الرئيس السابق علي عبدالله صالح والمرتد عن وحدة الوطن والشعب علي سالم البيض ومن والاهما واتبع نهجهما المدمر لأمن واستقرار اليمن..
مثل هذا الموقف لروسيا الصديقة المرتد عن دعم اتفاق التسوية السياسية في اليمن هو بمثابة دق للمسار الأخير في نعش المبادرة الخليجية الدولية واليتها المزمنة وهو اغتيال سياسي لأمن واستقرار اليمن ومحيطها الإقليمي والمصالح الولية في المنطق ويعيد الأمور في اليمن إلى المربع صفر الذي يعني العودة إلى المواجهة والتوتر والحروب والاقتتال في أهم منطقة في العالم والتي تعني الكثير لمصالحه الهامة والحيوية.
إن توجه مثل هذا لدولة عظمى مثل روسيا لها حق الاعتراض "الفيتو" الذي تتمتع به الدول الخمسة الدائمة العضوية في مجلس الأمن، لهو توجه غير حكيم من قبل دولة صديقة, كما أنه موقف خنوع مخزٍ يرتهن للمصالح الأنانية والضيقة لزمرة مجرمة وباغية أساءت في الماضي والحاضر لليمن وأهله ومازالت تضمر له الشر المبطن والمعلن وتتربص شراً بأمنه وتحيك المؤامرات الخفية لتنال من استقراره, هو انقلاب غامض من روسيا الصديقة على إرادة شعب بأكمله وآماله في التغيير والازدهار المنشود.. وهو لاشك أمر مدان دبر بليل وتجاوبت معه جمهورية روسيا الصديقة.
لا شك أن روسيا الصديقة تعلم أن استمرارها وإصرارها على موقف كهذا يشجع بعض العناصر المغامرة والتي لها أجندة خاصة تهدف للإساءة لجهود المجتمع الدولي في اليمن وعلى وجه الخصوص تشويه صورة روسيا بوتين لدى الشعب اليمني من خلال سعيها الدءوب لتوريط روسيا في مخططها الهادف لإفشال اتفاق نقل السلطة وتفجير الأوضاع في اليمن..
إن روسيا بموقفها الغريب هذا تشجع العناصر والأطراف الرافضة لمسار الحوار والتوافق والسلام في اليمن أن تتمادى في غيها وبغيها لعرقلة مؤتمر الحوار الوطني الشامل لإخراج اليمن من محنتها بل وأن يتحول البعض إلى بشار آخر في اليمن, وكما سيوفر هذا الموقف الروسي المتخاذل الغطاء الدولي اللازم للحاقدين والناقمين على التسوية السياسية لمزيد من التصعيد والتأزيم للأوضاع في اليمن.. ويبدو أن أولئك النفر من المتربصين وفي طليعتهم الرئيس السابق صالح عملوا ويعملون بإصرار محموم وبوتائر عالية للوصول إلى مثل هكذا موقف في مجلس الأمن الدولي وما لقائه الأسبوع الماضي مع السفير الروسي في صنعاء إلا لبنة مناوئة في هذا المسار المعاكس لجهود الانتقال السلمي والسلس للسلطة وتثبيت التسوية السياسية في اليمن.
ولقيادتنا السياسية نقول: مازال هناك متسع وفسحة من الفرصة والوقت والجهد الذي يجب أن يبذل لتعديل هذا الموقف الروسي الغريب نحو التوافق على موقف منسجم مع بنود المبادرة الخليجية والدولية وآليتها المزمنة ومضامين التسوية السياسية وبما يخدم تفعيل مسارها في اليمن, حيث تجرى حالياً مداولات في كواليس مجلس الأمن للوصول والاتفاق على صيغة موحدة لأعضاء مجلس الأمن كافة في هذا الخصوص ومازال بالإمكان إنقاذ الموقف قبل فوات الأوان وبقليل من الجهد الدبلوماسي اليمني إن توفر.
طارق مصطفى سلام
هي خطى صالح على طريق بشار 1543