نحن اليوم على موعد مع مؤتمر الحوار الوطني الذي سار الشعب اليمني مراهناً على إنجاحه لبناء دولته المدنية الحديثة والذي سيجتمع فيه الشعب اليمني بكل مكوناته الحزبية ومنظمات المجتمع المدني والمرأة والشباب المستقلين لتحديد منظومة الحكم وصولاً للتغيير المنشود الذي قامت لأجله ثورة فبراير 2011م، وسيكون اليمنيون على طاوله واحدة ليتم مناقشة رؤاهم المختلفة التي من شانها بنا الدولة المدنية الحديثة دولة العدالة والحرية والمساواة والحكم الرشيد والعيش الكريم لكل المواطنين، دولة تصل باليمن إلى بر الأمان حيث البناء والتقدم وجلب الاستثمارات واللحاق بركب الدول المتقدمة، وذلك عبر تبني مؤتمر الحوار رؤى تثمر سياسات تعيد للتعليم مكانته التي أفتقدها خلال المرحلة السابقة، نعم نريد نسيان الماضي والتركيز على الشرائح المتعلمة وترك المحسوبية وتخليص البلاد من نفوذ القبيلة والشخصيات النافذة التي أطاحت بالتعليم في بلادنا وزرعت اليأس والإحباط في قلوبنا..فإذا كنا في السابق نتعلم ولا نمتلك رؤى تحدد مستقبلنا العلمي لأننا كنا نشاهد التوظيف والتعيين لشغل منصب ما لا يتم من خلال المؤهلات العلمية، بل كان يتم وفقاً للانتماء القبلي، ومن خلال النظر في طبيعة الوساطة ومقدار القربان المقدم من المال، الأمر الذي ولد الإحباط لدى المتعلمين، فأصبحت الشخصيات المتعلمة تعمل في أعمال حرفيه متواضعة، في الوقت الذي تصدر لشغل المناصب الحكومية من لا يملك أي شهادة في الغالب.. فمن حقنا اليوم أن نتساءل: هل الحوار الوطني سيعيد للتعليم مكانته باعتماد معيار الكفاءة النابعة عن مؤهل صحيح غير مزور للتعيين في المناصب القيادية الحكومية بشقيها المدني والعسكري؟ أم أننا سنظل نراوح مكاننا حتى تتفتت أكبادنا؟! فسياسة بناء الأجيال لا يمكن لجاهل أن يرسمها ويحدد معالمها، ثم هل الحوار سيخرج برؤية متكاملة لبناء جيل متعلم يعي مسئوليته ويسهم في صناعة المستقبل أم أننا سنستمر في السير في طريق التجهيل الذي لن يصل بنا إلى اليمن المأمول بل يُبقي على الأجيال في أيدي الجهلة النافذين الذين لا يريدون لنا الخير ولا لوطننا التقدم؟!.. فالبلدان المتقدمة شيدت حضارتها بالعلم لا بالجهل الذي لا يبني حضارة ولا يؤسس لنهضة، وبما أن ثورتنا جاءت تلبية لحاجتنا الماسة لأن نلتحق بركب الحضارة والتقدم ونتحول من الكلالة إلى تحقيق الاعتماد على ذواتنا، فإن الواجب علينا اليوم إعادة النظر في سياستنا التعليمية ومناهجنا التعليمية وكذا الكادر القائم على العملية التعليمية، هذا بالإضافة إلى اعتماد سياسة تعيد الاعتبار لأصحاب الكفاءات والمؤهلات ليكونوا هم وليس غيرهم أصحاب الأولوية في القيادة والإدارة، ليتجه على إثر هذا غير المتعلم إلى تعليم نفسه أو على الأقل تعليم أولاده تعليماً صحيحاً غير مغشوش، ليسير عندها الشعب اليمني نحو العلم الذي به يحدد مصيره ويحافظ على ثرواته ويبني وطنه بكل إخلاص وتفان.
وأخيراً: نتمنى على شعبنا أن يعي مسؤوليته تجاه الحوار الوطني، لنكن جميعاً يداً واحدة لإنجاحه، ففي الماضي ما يكفي من الدروس والعبر.
صالح عبدالله المسوري
هل سيعيد الحوار للتعليم مكانته؟ 1558