نتيجة لغزارة الصادرات الصينية وإغراق الأسواق العالمية بمنتجات صينية مختلفة منها الأنواع العالمية الجودة وأخرى متدنية في جودتها رخيصة الثمن، فإن تراجع نمو الاقتصاد الصيني أثار قلق الأسواق العالمية التي تعول كثيراً على عودة التعافي لثاني أكبر اقتصاد في العالم في الخروج من دائرة الركود التي تجتاح أسواق السلع من العديد من دول العالم، وقد تسبب تراجع معدلات النمو في الاقتصاد الصيني خلال العام الماضي في انخفاض صادرات العديد من الدول الأوروبية والأسيوية وحتى الأميركية المتجهة للسوق الصيني بسبب تراجع قدرة المستهلك الصيني على الأنفاق الخبراء الاقتصاديون يتوقعون نمواً أقل للاقتصاد الصيني من 7.5%.
وهذا ما يؤكد بطء نمو الاقتصاد بالرغم من تأكيدات الحكومة الصينية بتحقيق النحو المستهدف عن تلك النسبة، وفي حين لا يزال هذا النمو يعتبر سريعاً مقارنة بمعظم اقتصادات الدول المتقدمة الأخرى إلا أنه يمثل تراجعاً واضحاً لاقتصاد كان يحقق نمواً سنوياً يقارب 12% وذلك حتى عهد قريب في بداية 2010، الأمر الذي دفع بصندوق النقد الدولي للقول: من الممكن أن تتسبب الصين في صدمات كبيرة تسري في كافة اقتصادات العالم سواء برزت هذه الصدمات على المستوى المحلي أو في مناطق أخرى حول العالم، وانعكس بطء النمو الصيني سلباً على سلسلة من الصناعات المتنوعة والشركاء التجاريين بنسب مختلفة، كما كادت أن تحظى توقعاتها الاقتصادية خلال أشهر القليلة الماضية بنفس القدر من الأهمية التي يوليها المستثمرون العالميون لمصير أوروبا الواقعة تحت أحضان الأزمة ولاقتصاد أميركا المتعثر.
وفي ظل مدى السرعة التي سيطرت بها الصين على العديد من أسواق السلع العالمية خاصة في العقد الماضي أصبحت هذه الأسواق أكثر الضحايا تضرراً.
وذكر صندوق النقد الدولي أن الصين ثاني أكبر شريك تجاري لنحو 78 دولة تشكل مجتمعة نحو 55% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وذلك من واقع 13 دولة فقط كانت تشكل 15% من الناتج الملحي الإجمالي في عام 2000، ولم يتجاوز بطء الاقتصاد الصيني مرحلة التدرج حتى الآن إلا أن التراجع في معدل الإنفاق على الاستثمارات والبنية التحتية أثر على طلب أنواع الآليات والسلع الرئيسية التي تتميز دول منتجة لها مثل اليابان وألمانيا بالقوة وأثبت قطاعات السلع الاستهلاكية مثل مكونات الالكترونيات والسلع الفاخرة المزيد من المرونة على الرغم من معاناة بعض العلاقات التجارية الضعيفة في الصين، وتعني سرعة الاندماج التي جعلت الاقتصاد الصيني محركاً فعلياً لاقتصاد العالم، فإن التراجع في وتيرة النمو ستكون له عواقب وخيمة على بقية دول العالم ذلك أنه وقبل نصف قرن فقط وعندما لقي 36 مليون شخص حتفهم جراء الجوع لم تكد هذة الأخبار تلقي أي صدى خارج الصين، أما اليوم فأصبح العالم يولي الكثير من الاهتمام حتى لعمليات شراء الأثرياء الجدد من سيارات وسلع فاخرة أخرى، وربما لا يخلو قطاع من القطاعات في العالم إلا وطاله تأثير الصين سلباً أو إيجاباً.
هامش:
1. الاتحاد الاقتصادي 13/1/2013
2. الحياة العدد "18187" 19/1/2013
د.علي الفقيه
تراجع النمو في الصين آثار مخاوف الأسواق العالمية 1872