ثورة عظيمة تفجرت في هذا اليوم للإطاحة بمنظومة نظام جثمت على صدر الوطن, واستنزفت خيراته وعمقت لكراهية تأصلت في شمال الوطن وجنوبه, ولأن الفكر الماضي مازال مسيطراً بتواجد بقايا هذه المنظومة في حكومة لم نجدها تعلن هذا اليوم عيداً وطنياً.
اتصلت بأمي أهنيها بعيد الثورة الشبابية وصدمتني إجابتها " الثورة لم تبدأ يا بني والقادم مؤلم سينتج ثورة حقيقية " أمي التي لا تعي شيء في السياسة.. كنت اظن هذا لكني فهمت بأنها فهمت ما يدور أكثر منا..
نعم الثورة المنتظرة لم تخلق بعد, الثورة ضد الأفكار المشوهة والقيم الزائفة, ثورة تخسف بخطابات الفرقة والكراهية وتلك التي تعزز سلطة المشيخ القبلي والديني.. الظالم والديكتاتور كائن يستوطن الأفئدة أولاً فينفث بسمومه على الجميع.. ثورة تفضي إلى هيكلة المساجد وتحريرها من خطباء لا يصنعون وعياً جديداً ولا إيماناً قوياً, بل يصيبون أبناء الوطن بالسأم من خطب مكررة لم تستطع القفز لمحاكاة حاضرنا ومستقبلنا..
مقبلون على ثورة أشد من ثورة الحادي عشر من فبراير.. الأحداث في الساحة اليمنية وردود أفعال الحكومة تجاه المسائل توحي بأن القادم عبارة عن إعادة إنتاج ثورة جديدة أشد قوة وبطشاً وأشد قمعاً, فتهيأوا.. قد تتحول إلى ثورة تفرقة تتمسك بها أطراف متباينة, فستولد ثورة شافعية, وحراك المناطق الوسطى إلى جانب الحراك الجنوبي..
القادم سيكون مؤلم للجميع.. المتغطرسون القدامى مازالوا بعنجهيتهم, القبيلة والشيخ مازلت تبسط نفوذها عبر تحريك الأتباع للتقطعات وتنغيص حياة المدنيين, تعالي الزيود المخولين بكل شيء بأمر من الله كونهم السادة وبقية الناس عبيد..
هناك المزيد مما سيعكر صفونا وسيخرج المتخاذلين للشوارع ثائرين, ليس حرياً بنا بعد هذه الثورة أن نظل مأسورين لرغبة المبندقين والممخطين من القبائل التي تقبع في أقصى الشمال, لننتظر متى يرحب هذا بقرارات الرئيس ويباركها ذاك, وسط لوبي تضليلي يصنع هالة لهؤلاء ويشكل فجوة عميقة تدعهم في السماء وتخسف بنا أسفل سافلين..
الثورة لم تأت لتعيد الماضي البغيض بصور مجحفة وما كانت عملية التوافق ستنال رضاء البعض إلا لحمايتها للتوازن الذي يمنع سيطرة طرف على الساحة السياسية والعبث بكل مقدرات الوطن.. نحن أمام فرصة أن نكون أو لا نكون, مسحوقين حتى يتوفانا الله ويأتي بأقوام لا ترضى المذلة .
نضطر لأن نعيش في قلق وجودي دائم بكلتا الحالتين, أكانا " سمن على عسل " أو مارسا التضليل والخداع علينا بأنهم مختلفون, لسبب واحد هو المحافظة على بقاءهم وإشغالنا وإقحامنا بولاءات بغيضة تعزز امتهاننا.. فمتى سنشعر بأن لنا كرامة؟ ألا يكفينا الماضي؟! ومتى سنصحوا؟.
أحمد حمود الأثوري
11 فبراير.. الثورة لم تبدأ بعد! 1684