دقت ساعة الحوار, الرئيس/ عبد ربه منصور يعلن موعده في الـ18من شهر مارس المقبل.. لامناص من أن يكون هكذا يخالف موعد الإعلان عن تدشينه كل التكهنات التي ذهبت لتعطيله تارة وأخرى لفشل انعقاده وثالثة لرفض المشاركة فيه من قبلا التعددية السياسية وهلم جرا من الأقاويل والإشاعات التي كشفت خبايا نفسية
عقدتها أن ترى الوطن ملتئما أو أن يكون الحوار السبيل الأمثل للوصول إلى
توافق يدفع بالوطن إلى الأمام، وقدمت من أجل هذا كل التوقعات المريبة ثلة
قوى لا هم لها سوى إبقاء الوطن في أتون أزمات وصراعات .غير أن الرئيس (عبد
ربه منصور هادي )يخيب ظنونهم ويعقد العزم على البدء بمرحلة أجد يكون
الوطن فيها سيد نفسه رغم كل التكالبات وعقد اللا منتمي .وبهذا يكون
الحوار حقيقة ماثلة لا تقبل التسويف ولا الأراجيف ويكون أسلوب الأقوياء
من أصحاب الضمائر الحية أما الهاربون منه والباحثون عن مجال للفرار فهم
الأضعف الذين يفتقدون روح المبادرة ويعيشون خواء القيم ولا يقدرون أن
يعبروا عن قناعاتهم المستوردة والمملى عليهم من أجل هذا يرفضون الحوار
البتة ويرون فيه فشلهم . ليبقى الأمل هنا معلقاً على القوى الوطنية
الرشيدة التي يعنيها الوطن أمنا واستقراراً ومحبة ويعنيها العمل من أجل
الشراكة الوطنية والمواطنة المتساوية والاحتكام لقواعد النهج الديمقراطي
والاعتراف بالآخر وتحقيق تكافؤ الفرص بين الجميع ،من أجل ذلك ،هو حوار
يذيب الجليد المتبقي بين البعض ويرسخ الثقة بين مكونات العمل السياسي من
منطلق الحرص على سلامة ورفعة الوطن ،ـومن الاحتكام للمنطق بعيداً عن
التعصبات والعواطف وما يخلق حواجز بين أبناء الشعب الواحد .هكذا نرى إلى
الحوار بأنه يؤلف ويجمع وولا يفرق ويخلق فوضى وهو أيضا يقدم رؤية لما ينبغي
عمله بتوافق إنساني في المقام الأول .وهو ما يجب أن يعقله من لا يزالوا
يعيشون الوهم في تشظي الوطن وأنهم سيركبون موجة الارتهان وينتصرون وذلك
بعيد بعد المشرقين .وعليهم أن يهتبلوا الفرصة المواتية وينضووا مع الشرفاء
على طاولة حوار ويقلعوا عن الفكر الضبابي والوهم الذي يعتري نفوسهم ويدفع
بهم إلى حافة لا يكونوا فيها شيئا مذكورا .باعتبار الوطن اليوم ينتقل إلى
الحيوي وإلى ما يرسخ الانتماء ويحقق فرص العدالة المتساوية ومعه في هذا
المجتمع الدولي قاطبة ،الذي يؤكد دونما أدنى شك على وحدة الوطن أرضا
وإنسانا .وليس في ذلك مجال للتفاوض والتنازل والمساومة لكون الوحدة
الوطنية تعبر عن توافق الدول( الأورو أمريكية )التي تدرك أهمية تأمين
الموارد النفطية وحماية خطوط الملاحة البحرية ومكافحة الإرهاب والقرصنة
وهو أمر يمثل البعد الأساس الذي من أجله يقف العالم مع اليمن .وإذا
لا سبيل لأي قوى تفكر في الخروج عن إجماع العالم سوى أن تثب لرشدها وتدرك
مقدار حجمها الضئيل أمام إجماع عالمي يتيح فقط الفرصة للحوار ليكون أكثر
تعبيرا عن التنوع في إطار الوحدة ويدفع إلى رؤى رحبة وتعايش خلاق بين
مكونات المجتمع اليمني بعيدا عن الإقصاء والتعصب والنزوع إلى العنف أو
المناطقية والطائفية .هكذا الحوار يعمق الهوية الحضارية للمجتمع اليمني
،ويعمل على إنجاز ما هو خلاق بروح متوثبة للغد وغير مكترث لأي قوى تحاول
أن تفلت من الإجماع أو تسير في الخط المعاكس لما هو وطني فلا تجد سوى الفشل
،لأنها تنطلق من مصالح ضيقة ورغبات ذاتية وعمالة وارتهان غير مجديين.
والأولى لذات القوى وفي المقدمة حراك( فك الارتباط )أن تعي جيدا بأن
المستقبل اليوم هو للوطن إرادة وتصميم ،وأن القادم لن يسمح بأي تدخل
خارجي يحاول أن يوجد شرخاً في جدار الوطني مهما كانت الدوافع ومهما كان
الدعم المالي البغيض ،فكل ذلك ليس غير( قبض ريح ).باعتبار أن الوطن هنا
يتمثل في القوى الحقيقية النضالية التي يعنيها معنى التحولات التي لابد
من إنجازها لينطلق الكل في بناء الدولة المدنية الحديثة .بعزيمة لا تلين
وإيمان عميق أن القادم هو الأفضل .فهل يثب إلى رشدهم من تمادوا في غيهم
وارتهنوا لقوى إقليمية ونشروا ثقافة الكراهية ؟,هل يدركون مقدار حجمهم
وبؤس ارتزاقهم ويخرجون من حقل المؤامرة ؟, أم سيظلون قوى تأزيمية تنشر
الكراهية وتعتنق التجزئة ؟..وهل يستوعبون المتغير القادم ووقوف العالم
بأسره مع الوحدة الوطنية ؟أم سيركبون غيهم ويتخذون من نوازعهم الشريرة ما
يوقعهم في الخسران المبين ؟..
أسئلة يفرضها واقع الحال أمام أولئك الذين
أدمنوا الارتزاق وغدوا فيه قوى متخصصة تحاول أن تعبث بأمن الوطن وتنحو به
في اتجاه مغاير للإجماع الوطني والإقليمي والعالمي .ويبقى القول لمن في
قلوبهم مرض ولمن يتداعون في الظلام لزراعة الشر :أن اليمن اليوم غيره
بالأمس، فالحوار وتجلياته حتما سيبارك نتائجه العالم بأسره وسيدفع الكل
من أجل أن يكون مثمراً، ومن أجل إفشال كل الرهانات المريضة .سيما وأن
طاولة الحوار تضم القوى الفاعلة والمتوثبة لصناعة الجديد وأن هذه الطاولة
المستديرة تجعل الكل يعبر عن رأيه دونما إملاءات أو تعبير عن نوازع ورغبات
الغير، وإنما من منطلق البحث عن أنجع السبل للخروج بالوطن إلى آفاق رحبة
تعبر عن تطلعات كل أبناء الوطن الذين يباركون هذا الحوار ويترقبونه ويرون
فيه الخلاص من قيود السابق ومماحكات السابق وصناعة الفوضى التي عمل من
أجلها طويلا ليسود على وطن ،وهو أمر لم يعد مقبولا وغير متاحٍ في ظل حرص
أممي على أن تكون اليمن اليوم في مستوى يليق بمكانتها بين الأمم ويعبر عن
رقي الإنسان فيها وهو يناضل ضد العائق المحبط وينجز حلماً رائعاً ويحقق هدف
الشراكة في البناء والمواطنة المتساوية ويقدم الصورة الأكثر رقياً في معنى
السلم الاجتماعي المبني على مفاهيم حقيقية في إدارة دولة عصرية بأسلوب
متمدن وحضاري فيه الكل متساوون أمام الدستور والقانون..
محمد اللوزي
لا مناص ...... 1577